قالوا إنا لنراك في سفاهة ، وضعف عقل وخروج عن جادة الصواب وإنا لنظنك من الكاذبين قال هود : ليس بي سفاهة وكيف أكون ذلك وأنا رسول رب العالمين أبلغكم رسالات ربي وأنا لكم ناصح أمين.
اشتد الأمر بعد ذلك ، وقالوا : يا هود ما جئتنا بحجة قوية تدل على أنك رسول من الله ، وما نحن بتاركي آلهتنا صادرين عن قولك من تلقاء نفسك ، وما نحن لك بمؤمنين ومصدقين برسالتك.
إن نقول إلا أصابك بعض آلهتنا بسوء حين تعرضت لهم وإنك اليوم مصاب بخبل في العقل وجنون في الرأى.
قال هود : أشهد الله أنى بلغت ما كلفت به ، واشهدوا أنى برىء مما تشركون به ، وإذا كان الأمر كذلك وأن آلهتكم لها قدرة على عمل ، فأجمعوا أمركم واجمعوا شركاءكم ثم كيدوني جميعا ، ولا تمهلون ، إنى توكلت على الله ربي وربكم ووكلت له أمر حفظي ، وهو على كل شيء قدير.
ما من دابة في الأرض أو السماء إلا هو آخذ بناصيتها ، ومصرف أمرها ومسخرها إلى أجل مسمى ، إذ له ملك السموات والأرض ، إن ربي على صراط مستقيم هو طريق الحق والعدل فإن تتولوا بعد هذا ، ولم تطيعوا أمرى فقد بلغت ما أرسلت به إليكم وأبرأت ذمتي من الله وسيستخلف ربي قوما غيركم ، ولا تضرونه شيئا إن ربي على كل شيء حفيظ ، وقائم ورقيب .. وهذه هي النهاية.
ولما جاء وقت أمرنا ، ونزول عذابنا ، نجينا هودا ومن معه من المؤمنين برحمة خاصة بهم لا تتعداهم إلى غيرهم ، نجيناهم من عذاب غليظ فظيع (إِنَّا أَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِيحاً صَرْصَراً فِي يَوْمِ نَحْسٍ مُسْتَمِرٍّ* تَنْزِعُ النَّاسَ كَأَنَّهُمْ أَعْجازُ نَخْلٍ مُنْقَعِرٍ) [سورة القمر الآيتان ١٩ ـ ٢٠] (فَتَرَى الْقَوْمَ فِيها صَرْعى كَأَنَّهُمْ أَعْجازُ نَخْلٍ خاوِيَةٍ. فَهَلْ تَرى لَهُمْ مِنْ باقِيَةٍ) [سورة الحاقة الآيتان ٧ و ٨].
وتلك عاد جحدوا آيات ربهم وعصوا رسله أى : جنس الرسول وجنس الآيات الصادقة بآياته ورسوله وهم قد اتبعوا أمر كل جبار يجبر غيره على اتباع رأيه وهم الأشراف العنيدون الذين لا يخضعون للحق.