إليه أخاه في مجلس خاص وصارحه بكل شيء وقال له : إنى أنا أخوك يوسف فلا تحزن ولا تتألم بما كانوا يفعلون قديما فينا ، وهذا جزاء الصبر يا بنيامين ، وهنا روايات كثيرة في كيفية ضم يوسف لأخيه لا تخرج في مجموعها عما ذكرنا.
عرف يوسف أخاه الحبيب ، وألم بحاله مع أبيه الحزين وما حصل من إخوته حينما طالبوا بنيامين من أبيهم ولكن يوسف يريد أخاه ولأمر ما يريد مكثه معه ، فمضى في تنفيذ غرضه بكل وسيلة وحيلة! فلما جهزهم بجهازهم ، وقضى لهم أمرهم ، جعل السقاية في رحل أخيه بنيامين دون أن يعلم أحد ، وحينما ساروا في طريقهم فرحين مسرورين أذن مؤذن ، ونادى مناد ، شأن من يضيع منه شيء : أيتها العير أى : يا أصحاب العير ، قفوا إنكم سارقون!! كان هذا خبرا كالصاعقة عليهم ، فما سرقوا ولا أخفوا شيئا.
قالوا : وأقبلوا على فتيان العزيز في دهش وحيرة ماذا تفقدون؟ وماذا ضاع منكم؟ أنكروا ضياع شيء ، ولم ينفوا عن أنفسهم سرقة لأنهم يعلمون أنها بعيدة كل البعد لا تحتاج إلى نفى.
قال الفتيان : نفقد الصواع الذي نكيل به للناس الذي عليه شارة الملك ، ولمن جاء به حمل بعير برّا وقال المنادى : إنى بهذا زعيم وضمين.
قال إخوة يوسف : تالله لقد علمتم أنتم بعد تجربتكم لنا أننا ما جئنا لنفسد في أرض مصر بأى نوع من أنواع الفساد فضلا عن السرقة التي هي أحط أنواع الاعتداء ، وكيف نسرق من جماعة أكرمونا هذا الإكرام! وما كنا سارقين في يوم من الأيام ..
قال فتيان يوسف لهم : إذا كان الأمر كذلك فما جزاؤه إن كنتم كاذبين في نفى كون الصاع في رحالكم ؛ أما السرقة فهم صادقون في دعوى البراءة منها يدل على هذا قولهم جزاؤه أخذ من وجد في رحله ، وظهر أنه السارق للصواع ، أخذه وجعله عبدا لصاحبه واسترقاقه عاما وذلك كان في شريعة يعقوب ـ عليهالسلام ـ.
(فَهُوَ جَزاؤُهُ) وهذا تقرير للحكم السابق ، وتوكيد له بعد توكيد ، مثل ذلك الجزاء الشديد نجزى الظالمين للناس بسرقة أمتعتهم وأموالهم ؛ أما يوسف فبعد أن رجعوا إليه تلبية لنداء المنادى وتبرئة لساحتهم وإجابة لطلبه بدأ بتفتيش أوعيتهم قبل وعاء أخيه ،