(بَصِيرَةٍ) حجة واضحة ومعرفة تامة. (اسْتَيْأَسَ) يئس (بَأْسُنا) عقابنا وعذابنا (عِبْرَةٌ) العبرة والاعتبار نوع واحد وفيها معنى العبور من جهة إلى جهة.
هذا ختام السورة الكريمة ، وتلك القصة القوية المؤثرة التي اشتركت فيها عناصر مختلفة في أماكن متعددة ، قصة فصولها متعددة الألوان فيوسف مع إخوته ، وهو في بيت العزيز ، وفي السجن ، وفي دست الحكم قصة جمعت بين كيد الإخوة وحسدهم ، وكيد النساء ومكرهن ، قصة الصبر والحكمة ، والفداء والبطولة ، قصة السياسة والرياسة ، قصة لها معان وفيها إشارات وعبرة وذكرى لأولى الألباب.
المعنى :
بعد أن قص الله قصة يوسف أحسن القصص شكلا وموضوعا وكانت أروع مثل للقصة ذكر الله ـ تبارك وتعالى ـ أن القصص دليل على نبوءة محمد وصدقه فقال :
ذلك الذي ذكرناه سابقا مما يتعلق بيوسف من أنباء الغيب وأخباره التي لا يعلمها إلا الله عالم الغيب والشهادة ، ذلك نوحيه إليك ، ونطلعك عليه ، إذ ما كنت تعلم هذا أنت ولا أحد من قومك ، وما كنت لديهم إذ أجمعوا أمرهم ، واتفقوا على إلقاء يوسف في الجب ، وعزموا على ذلك مصممين ، وهم يمكرون ، ويمكر الله والله خير الماكرين.
نعم هذه أخبار كيف وصلت إليك؟ هل كنت حاضرها وشاهد أمرها؟ أم وصلت إليك عن طريق الرواية ممن حضرها؟ لا هذا ولا ذاك ولم تكن هناك كتب فيها هذا القصص المحكم بهذه الصورة فلم يبق إلا أنها وصلت إليك عن طريق الوحى الإلهى ، وهذا بلا شك من دلائل النبوة وعلامات الرسالة ، وكان هذا يكفى في إيمان الناس بك وتصديقهم لرسالتك لو أن الله أراد ذلك.
ولكن اعلم أن أكثر الناس ولو حرصت وعملت المستحيل لا يؤمنون مهما ظهرت الآيات الناطقة فلا تذهب نفسك عليهم حسرات ، وما أنت عليهم بجبار فذكر بالقرآن من يخاف وعيد.
أيكون السبب في عدم إيمانهم بك أنك تطلب مالا أو أجرا أو جاها أو ملكا حتى يكون لهم العذر في عدم الإيمان؟!! لا ، لا ، إنك كبقية الرسل قبلك لا تسأل الناس