لعلكم عند مشاهدة هذه الآيات القواطع توقنون بأن هذا القرآن حق ، وما نزل على محمد صلىاللهعليهوسلم صدق ، وأن البعث والجزاءات لا شك فيه إذ القادر على هذا لا يعجزه بعث ولا حساب.
هذه بعض الآيات السماوية ، وأما الآيات الأرضية فقال فيها : وهو الله الذي مد الأرض وبسطها. وفرش الأرض ومهدها وجعل فيها رواسى شامخات ؛ وسقاكم ماء عذبا فراتا : (أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ مِهاداً* وَالْجِبالَ أَوْتاداً* وَخَلَقْناكُمْ أَزْواجاً)؟! [سورة النبأ الآيات ٦ ـ ٨] ، ومد الأرض وبسطها ليس دليلا على عدم كرويتها إذ هي مبسوطة ممدودة في نظرنا لنعيش عليها ، وفي الواقع كرويتها أمر لا يشك فيه عاقل.
وجعل ـ سبحانه وتعالى ـ من كل الثمرات زوجين اثنين ذكرا وأنثى ، للتلقيح والإنتاج والحمد لله أثبت العلم الحديث أن في كل نبات ذكورا وإناثا ، قد تكون في الزهرة الواحدة أو الشجرة الواحدة أو في شجيرات ويتم التلقيح إما بالريح أو الطير ، وسبحان الله أعطى كل شيء خلقه ثم هدى ، وقيل جعل فيها من كل ثمرة صنفين كبيرة وصغيرة إلى آخر ما ذكروه ، يغشى الليل النهار بجعل الليل كالغشاء للنهار فيغطي بظلمته ضياءه. شبّه إزالة النور بسبب ظلمة الليل بتغطية الأشياء الحسية بالأغطية حتى تسترها.
إن في ذلك الذي ذكره الحق ـ سبحانه ـ من مد الأرض وبسطها وإرساء الجبال فيها مع تحركها ودورانها وما جعله الله فيها من الثمرات الناشئة عن الازدواج والتلقيح وتعاقب النور والظلمة مع طول كل وقصره إن في ذلك لآيات بيّنه للناظرين المتفكرين المعتبرين.
وفي الأرض قطع متجاورات ترابها واحد ، وماؤها واحد ، وفيها زرع واحد ، ثم تتفاوت الثمرة ، بعضها حلو وبعضها مر ، بعضها يثمر وبعضها لا يثمر.
وفي الأرض جنات وبساتين من زروع ونخيل وأعناب وغيرها من الفواكه التي عرفت في غير جزيرة العرب ، ومن عجائب النخل أن فيه صنوانا وغير صنوان ، والمعنى أن أشجار النخيل قد تكون الواحدة لها رأسان وأصل واحد وقد تكون غير ذلك كبقية الشجر. وقيل المعنى : إن أشجار النخل قد تكون متماثلة وغير متماثلة مع اتحاد التربة والزرع يسقى ذلك كله بماء واحد ونفضل بعضها على بعض في الأكل ، أليس في هذا