بعد أن صدر السورة الكريمة بذكر الآيات القواطع الدالات على أنه على كل شيء قدير ، وأن البعث والإعادة مما يدخل تحت القدرة. تعرض لبعض أقوالهم المنافية تماما لهذه المقدمات.
المعنى :
وإن تعجب يا محمد من قولهم في إنكار البعث فقولهم حقيق بالعجب جدير به إذ من قدر على رفع السماء بلا عمد ، ثم استوى على العرش ، وسخر الشمس والقمر إلى آخر الآيات السابقة سواء كانت علوية أم أرضية ، من قدر على ذلك وعلى غيره ، ولم يعي بخلقهن قادر بلا شك على أن يحيى الموتى بل هو أهون عليه!! إذن إنكارهم أعجوبة من الأعاجيب ، والعجب : تغير نفسي عند خفاء السبب ، وهو محال على الله فالمراد تعجب الرسول ومن حوله من المؤمنين.
قالوا : أإذا كنا ترابا؟!! أننا لفي خلق جديد؟ قالوا مستبعدين ومحيلين البعث بعد أن كانوا ترابا؟!! أى أنبعث بعد أن كنا ترابا؟ ، فكان جزاؤهم على هذا .. أولئك الكاملون في الضلال المتمادون في الكفر والعناد هم الذين كفروا بربهم ؛ وأولئك هم المصرون على ما هم عليه فلا أمل فيهم البتة ، وينظر إلى هذا قول الشاعر العربي
لهم عن الرشد أغلال وأقياد
وقيل المعنى : أولئك يغلون يوم القيامة بالأغلال (إِذِ الْأَغْلالُ فِي أَعْناقِهِمْ وَالسَّلاسِلُ يُسْحَبُونَ* فِي الْحَمِيمِ ثُمَّ فِي النَّارِ يُسْجَرُونَ) [سورة غافر الآيتان ٧١ و ٧٢].
وأولئك هم أصحاب النار الملتزمون لها دائما هم فيها خالدون إلى ما شاء الله.
ويستعجلونك بالسيئة والعذاب الذي أنذرتهم به ، استهزاء بك وتكذيبا لك قبل الحسنة من الإمهال أو الإيمان ، ولا غرابة فهم القائلون (اللهُمَّ إِنْ كانَ هذا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنا حِجارَةً مِنَ السَّماءِ أَوِ ائْتِنا بِعَذابٍ أَلِيمٍ) [الأنفال ٣٢].
يستعجلونك بالعذاب وقد خلت من قبلهم المثلات ، وحلت بمن سبقهم العقوبات لما كذبوا واستعجلوا العذاب ، وإن ربك لذو مغفرة للناس حالة كونهم ظالمين ، نعم