لو أن ظهور أمثال ما اقترحوه مما تقتضيه الحكمة الإلهية لكان مظهر ذلك هو القرآن الذي لم يعدوه آية.
وقيل المعنى : لو أن قرآنا وقع به تسيير الجبال وتقطيع الأرض وتكليم الموتى ، لما آمنوا به كقوله تعالى. (وَلَوْ أَنَّنا نَزَّلْنا إِلَيْهِمُ الْمَلائِكَةَ وَكَلَّمَهُمُ الْمَوْتى وَحَشَرْنا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قُبُلاً ما كانُوا لِيُؤْمِنُوا إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللهُ) [سورة الأنعام آية ١١١].
بل لله القدرة على كل شيء وهو القادر على الآيات التي اقترحوها وغيرها إلا أن علمه بأن إظهارها مفسدة يصرفه عن إظهارها ويمنعه.
وهم يكفرون بالرحمن في كل حال وعلى أى وضع ، ولو ثبت أن قرآنا سيرت به الجبال إلخ الآية.
أنسوا!! أفلم يعلم الذين آمنوا أن لو يشاء الله لهدى الناس جميعا من غير أن يشاهدوا الآيات والمعجزات.
وقيل : إن المراد أفلم ييأس الذين آمنوا ويقنطوا من إيمان هؤلاء الكفار لعلمهم أن الله ـ تعالى ـ لو أراد إيمانهم لهداهم ، وذلك أن بعض المؤمنين تمنوا نزول الآيات التي اقترحها الكفار طمعا في إيمانهم إذ لو أراد هدايتهم لهداهم.
ولا يزال الذين كفروا تصيبهم بما صنعوا قارعة تقرعهم ، وداهية تفجؤهم في أنفسهم وأموالهم وديارهم أو تحل قريبا من دارهم حتى يأتى وعد الله وينتهى هذا العالم ، وهكذا يحقق الله وعده ووعيده فهم دائما في حروب وفتن لا تنتهي أبدا إن لم تكن حربا حقيقية تكن حربا باردة ، وأما أنت أيها الرسول فلا يحزنك أمرهم ، ولا يؤلمك استهزاؤهم ، ولقد استهزئ برسل من قبلك ، ونالوا ما نالوا من قومهم ، وقالوا لهم ما قالوا مما علمته في قصصهم ، ولكن كانت العاقبة والدائرة عليهم ولقد أملى الله لهم ، وأمهلهم حتى ارتكبوا التعاسيف وظن المسلمون بالله الظنون ، ثم أخذهم ربك بالعذاب الأليم أخذ عزيز مقتدر فكيف كان عقاب؟! فهل من مدكر؟!
أفمن هو قائم على كل نفس بالحفظ والرعاية والعناية والكلاءة وهو المولى القدير كمن ليس بهذه الصفة من معبوداتكم التي لا تضر ولا تنفع؟ بل إن يسلبهم أحقر الحيوانات شيئا لا يستنقذوه منه.