المعنى :
وكما أرسلناك يا محمد لتخرج الناس من ظلمات الجهل والشرك والضلالة إلى نور الإسلام والعلم والهداية فقد أرسلنا موسى مؤيدا بآياتنا التسع التي مرت في سورة الأعراف ، وقلنا له : أخرج قومك يا موسى من الظلمات إلى النور ، والمعنى أمرهم بالتوحيد الخالص والإيمان بالله إيمانا كاملا ليخرجوا من ظلمات الجهل والضلال إلى نور الهدى والإيمان.
وذكرهم بأيام الله التي مرت على أمم الأنبياء السابقة ، وكيف نجا المؤمنون وهلك الكافرون؟!! وذكرهم بأس الله وشدائده وانتقاماته ممن كذب رسالته كقوم عاد وثمود وقوم هود وإخوان لوط ، ففي التذكير بأيام الله ترغيب وترهيب ، ولقد كان لموسى مع قومه أيام فيها محنة وبلاء وأيام فيها نعم ونجاة وكلها من أيام الله.
إن في ذلك التنبيه والتذكير لدلائل على وحدانية الله وقدرته لكل صبار في المحنة والشدة ، شكور في المنحة والعطية.
ولقد قيل : نعم العبد عبد إذا ابتلى صبري وإذا أعطى شكر ، و
في الحديث «عجبا لأمر المؤمن إن أمره كله خير وليس ذاك لأحد إلا للمؤمن إن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له ، وإن أصابته سراء شكر فكان خيرا له».
وفي هذه إشارة إلى أن الواجب على المسلم أن يكون صابرا شكورا.
وقد كان موسى ممتثلا أمر ربه فأخذ يذكر قومه بنعم الله عليهم. واذكر وقت قول موسى لقومه والمراد ذكر ما حصل فيه اذكروا نعمة الله عليكم إذا أنجاكم من فرعون وآله فقد كانوا يذيقونكم العذاب ، ويكلفونكم من الأعمال مالا تطيقون مع القهر والإذلال ، وكانوا يذبحون أبناءكم خوفا من ظهور ولد يضيع على يده الملك كما فسرت الرؤيا لفرعون مصر ، وكانوا يتركون النساء أحياء أذلاء ؛ وفي ذلك أعظم ألوان البلاء.
نعم فيما ذكر ابتلاء واختبار عظيم فالنعم والنقم بلاء للإنسان ليعرف أيشكر أم يكفر؟!! (وَبَلَوْناهُمْ بِالْحَسَناتِ وَالسَّيِّئاتِ) [سورة الأعراف آية ١٦٨] (وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً) [سورة الأنبياء آية ٣٥].