وَرائِهِ عَذابٌ غَلِيظٌ (١٧) مَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ أَعْمالُهُمْ كَرَمادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ فِي يَوْمٍ عاصِفٍ لا يَقْدِرُونَ مِمَّا كَسَبُوا عَلى شَيْءٍ ذلِكَ هُوَ الضَّلالُ الْبَعِيدُ (١٨))
المفردات :
(لَتَعُودُنَ) لتصيرن وكثيرا ما تستعمل عاد بمعنى صار (مِلَّتِنا) الملة : الشريعة والدين (مَقامِي) قيامي للحساب (وَاسْتَفْتَحُوا) طلبوا الفتح بالنصرة على الأعداء (خابَ) هلك (جَبَّارٍ) الجبار هو العاتي المتكبر الذي يجبر غيره على اتباع رأيه ولو باطلا (صَدِيدٍ) يسيل من جلودهم ، من دم أو قيح (يَتَجَرَّعُهُ) جرعته الدواء سقيته جرعة بالشدة والقهر (يُسِيغُهُ) يزدرده (عاصِفٍ) شديد الريح.
بعد الحوار والنقاش بين الرسل وأقوامهم تأتى مرحلة العمل والحرب ، وفي النهاية الغلبة للمتقين وتلك سنة الله في جميع الأزمنة ومع كل الأمم والرسل.
المعنى :
وقال الذين كفروا لرسلهم حين دعوهم إلى التوحيد وترك عبادة الأوثان ، ورأوا في الرسل إصرارا على هذا الدين. قالوا : ليكونن أحد الأمرين ، ولا ثالث لهما أبدا : إما أن تخرجوا من أرضنا أو لتصيرن في ملتنا وشرعنا : وذلك كما قال قوم مدين لشعيب ومن آمن معه (لَنُخْرِجَنَّكَ يا شُعَيْبُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَكَ مِنْ قَرْيَتِنا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنا) [سورة الأعراف آية ٨٨] وكما قال كفار مكة : (وَإِنْ كادُوا لَيَسْتَفِزُّونَكَ مِنَ الْأَرْضِ لِيُخْرِجُوكَ مِنْها وَإِذاً لا يَلْبَثُونَ خِلافَكَ إِلَّا قَلِيلاً) [سورة الإسراء آية ٧٦].
قال الكفار هذا مغرورين بقوتهم وكثرتهم ، وقلة عدد المؤمنين وضعفهم فأوحى ربك إلى الأنبياء ، لا تحزنوا وأبشروا. لنهلكن الظالمين من المشركين ولنسكنكم الأرض من بعدهم عقوبة لهم على قولهم. (لَنُخْرِجَنَّكُمْ مِنْ أَرْضِنا) ولقد كرر هذا المعنى في القرآن كثيرا (كَتَبَ اللهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي) [المجادلة ٢١] (وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنا