فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْناها تَدْمِيراً (١٦) وَكَمْ أَهْلَكْنا مِنَ الْقُرُونِ مِنْ بَعْدِ نُوحٍ وَكَفى بِرَبِّكَ بِذُنُوبِ عِبادِهِ خَبِيراً بَصِيراً (١٧))
المفردات :
(آيَتَيْنِ) علامتين دالتين على القدرة (فَمَحَوْنا آيَةَ اللَّيْلِ).
أى : جعلنا آية الليل ممحوة لا نور فيها (عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسابَ) يقول العلامة الشوكانى في كتابه فتح القدير في تفسير الآية : «والفرق بين العدد والحساب أن العدد إحصاء ما له كمية بتكرير أمثاله كالسنة المكونة من ٣٦٥ يوما ، والحساب إحصاء ماله كمية بتكرير أمثاله من حيث يتحصل بطائفة معينة منها حد معين منه له اسم خاص ؛ فالسنة مثلا إن نظرنا لها من ناحية أنها أيام فقط فذلك العدد ، وإن نظرنا لها من حيث تكونها من شهور اثنى عشر وكل شهر ثلاثون يوما مثلا وكل يوم أربع وعشرون ساعة فذلك هو الحساب» (طائِرَهُ) عمله المقدر له ولعل السر في ذلك أن العرب كانوا يتشاءمون ويتباشرون بالطير عند طيرانه فكانوا يستدلون بالطير على الخير والشر والسعادة والشقاوة وكانت لهم علوم ومعارف في ذلك قال شاعرهم :
خبير بنو لهب فلا تك ملغيا |
|
مقالة لهبى إذا الطير مرت |
ولما كثر منهم ذلك سموا نفس الخير والشر بالطائر تسمية للشيء باسم لازمه وقال أبو عبيدة عن علماء اللغة : الطائر عند العرب : الحظ والمقدر للشخص من عمر ورزق وسعادة وشقاوة كأن طائرا يطير إليه من وكر الأزل ، وظلمات عالم الغيب طيرانا لا نهاية له ، ولا غاية إلى أن ينتهى إلى ذلك الشخص في وقته المقدر من غير خلاص ولا مناص ، وقوله تعالى : في عنقه كناية عن لزوم ذلك له لزوم القلادة للعنق إن كان خيرا أو الغل للعنق إن كان شرا (وِزْرَ) الوزر الحمل والثقل والمراد الإثم (مُتْرَفِيها) متنعميها وأترفته النعمة أطغته.
وهذا سيل آخر من بيان نعمه وفضله وفيه بيان لهداية القرآن وبشارته.