المعنى :
ربكم الذي يستحق وحده العبادة هو الذي يسير لكم السفن في البحر ، ويدفعها بقوة الريح وتيار الماء أو قوة البخار ، يسير الفلك تمخر عباب الماء حاملة الناس والتجارة لتبتغوا من فضل الله ورزقه ، إنه كان بكم رحيما منعما بدقائق النعم وجليلها.
وأنتم أيها الكافرون المشركون أمركم عجيب ، إذا مسكم الضر ، واضطرب بكم البحر وعدا على سفنكم هوج الرياح فانخلع قلبكم من خوف الغرق المحقق ، إذا حصل هذا ضل من تدعونه من الآلهة إلا الله ، وذهب عن خاطركم ، ولم يدر بخلدكم ذكر واحد منهم فإنكم لا تذكرون سواه ، وقيل المعنى : ضل ولم يهتد لإنقاذكم أحد غيره من سائر المدعوين.
فلما نجاكم إلى ساحل السلامة واستجاب دعاءكم أعرضتم وكفرتم وصرتم تدعون غيره يا عجبا لكم!! في الشدة تذكرونه وحده ، وفي غيرها تدعون معه غيره ، ولا غرابة فخلق الإنسان كفورا بربه جحود النعمة ، وهذا يتحقق في أكثر الأفراد.
ها أنتم أولاء نجوتم الآن وكشف عنكم ربكم الضر الذي أصابكم ، ولكن أنجوتم فآمنتم أن يخسف بكم جانب البر فحملكم ذلك الأمان الصادر عن الغرور الكاذب على الإعراض والكفر.
نعم أمر المشركين عجيب يتضرعون إلى الله في البحر فإذا نجاهم منه أعرضوا وكفروا ، ألم يعلموا بأن الله قادر على أن يخسف بهم البر ، ويدك عليهم جانبه فيصبحوا أثرا بعد عين؟.
أفأمنتم وقد نجاكم من البحر وصرتم في البر أن يرسل عليكم ريحا حاصبا تصيبكم بالحصباء؟ فأنتم تحت قبضته في كل مكان في البر والبحر ، وإن لم يصبكم من أسفل أصابكم إن أراد من فوقكم (قُلْ هُوَ الْقادِرُ عَلى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذاباً مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ) [سورة الأنعام آية ٦٥] لا تجدون لكم وكيلا يدافع عنكم.
بل أأنتم وقد نجوتم الآن من البحر أن يعيدكم فيه تارة أخرى؟ ، بأن يهيئ لكم أسباب ركوبه مرة ثانية فيرسل عليكم وأنتم في السفن من الريح شديد فتكسر كل ما