لِرُقِيِّكَ حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنا كِتاباً نَقْرَؤُهُ قُلْ سُبْحانَ رَبِّي هَلْ كُنْتُ إِلاَّ بَشَراً رَسُولاً (٩٣))
المفردات :
(ظَهِيراً) معينا. (فَتُفَجِّرَ) تجريها بقوة. (يَنْبُوعاً) الينبوع العين التي لا تنضب. (كِسَفاً) جمع كسفة وهي القطعة من الشيء. (قَبِيلاً) معاينة ومقابلة. (مِنْ زُخْرُفٍ) من زينة والمراد من ذهب.
المعنى :
لقد أوتينا من العلم قليلا ، ولو شاء ربك لذهب بهذا القليل فعدنا إلى ظلام الجهل ، وحماقة الجاهلية فمصدر العلم في كل ناحية هو القرآن الذي أوحى إليك ، ولئن شاء ربك لأذهبه ، ومحاه من الصدور والمصاحف ، فلم يترك له أثرا ، وبقيت كما كنت من قبل لا تدرى ما الكتاب ولا الإيمان.
ثم لا تجد لك بعد الذهاب به من يتوكل علينا باسترداده وإعادته محفوظا إلا برحمة ربك فيرده عليك ، فرحمة ربك مصدر الخير كله ، وهذا امتنان من الله ببقاء القرآن محفوظا بعد المنة العظيمة في تنزيله ، إن فضله كان عليك كبيرا.
ومن الحقائق المعروفة أن العلوم التي نشأت عند المسلمين ، والحضارة العلمية في الشرق كله من نبع القرآن وفيضه ، فعلوم اللغة والشريعة وأصول الفقه وعلوم القرآن نشأت للمحافظة على القرآن الكريم ، وكان لهذا أثر عميق في الاتجاه العلمي العام.
هذا القرآن وهو المعجزة ، والحجة الدائمة التي تحدى بها الله العرب كلها فعجزوا على الإتيان بمثله ، وهم أهل فصاحة وبلاغة ، والنبي واحد منهم وهو أمى لم يقرأ ولم يكتب ، وفيهم الشعراء والخطباء ، وقادة البلاغة والبيان فحيث عجزوا فغيرهم من باب أولى ، تحداهم به بأسلوب لاذع ، مع الحكم عليهم بالعجز والقصور ولو اجتمع الإنس والجن ، وتعاون الكل وبذلوا النفس والنفيس.