الْعَذابَ بَلْ لَهُمْ مَوْعِدٌ لَنْ يَجِدُوا مِنْ دُونِهِ مَوْئِلاً (٥٨) وَتِلْكَ الْقُرى أَهْلَكْناهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجَعَلْنا لِمَهْلِكِهِمْ مَوْعِداً (٥٩))
المفردات :
(قُبُلاً) جمع قبيل والمراد أنواعا أو عيانا. (لِيُدْحِضُوا) ليزيلوه ويبطلوه مأخوذ من إدحاض القدم أى : عند إزالتها عن مكانها. (مَوْئِلاً) أى : منجى وملجأ من قولهم وأل إذا نجا ووأل إليه إذا لجأ إليه.
المعنى :
هذا القرآن هدى للناس ، وبينات من الهدى والفرقان. صرف الله معانيه الجليلة وأغراضه السامية التي تدعو إلى الإيمان بالله وبرسوله ، والتي تشبه في الغرابة والحسن والجمال والروعة المثل الذي يهز القلوب ، ويحرك النفوس صرفه وكرره للناس ولمصلحتهم ، ولكنهم لم يتقبلوه بالقبول الحسن ، وكان الإنسان أكثر الأشياء جدلا وخصومة. ومماراة في الحق ، يعنى أن جدل الإنسان أكثر من جدل كل مجادل (فَإِذا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ) [سورة النحل آية ٤].
وما منع الناس ، أى : أهل مكة من أن يؤمنوا وقت أن جاءهم الهدى والنور من القرآن ، وما منعهم من أن يستغفروا ربهم من أجل الكفر والمعاصي ، ما منعهم عن الإيمان والاستغفار مانع أبدا في الواقع حيث جاءهم نور القرآن وتفصيله الآيات البينات.
ولكن طلبهم إتيان سنة الأولين لهم وهي عذاب الاستئصال بإلحاحهم في طلب آيات أخرى ، أو يأتيهم عذاب يوم القيامة أنواعا مختلفة إذ ماتوا ، أو يأتيهم العذاب معاينة ومقابلة هو السبب في عدم إيمانهم ، وليس في القرآن ما يدعو إلى الكفر ، وإن كان الإنسان مجبولا على حب الجدل المفرط ، وقيل المعنى : إنهم لا يؤمنون ولا يستغفرون إلا عند نزول عذاب الاستئصال بهم أو عذاب الآخرة.