لما سأل اليهود النبي صلىاللهعليهوسلم عن قصة أصحاب الكهف ، وقالوا لقريش : إن أخبركم بها فهو نبي مرسل وإلا فلا. ذكر صلىاللهعليهوسلم قصة موسى والخضر تنبيها على أن النبي لا يلزمه أن يكون عالما بجميع القصص والأخبار ، وقد يؤخر الفاضل عن المفضول وهذه القصة رويت في أحاديث كثيرة ، وأتمها وأكملها ما روى عن ابن عباس عن طريق سعيد بن جبير ، وهي ثابتة في الصحيحين.
قال ابن عباس ما معناه : حدثنا أبى بن كعب أنه سمع رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول : إن موسى قام خطيبا في بنى إسرائيل فسئل : أى الناس أعلم؟ فقال أنا فعتب الله عليه إذ لم يرد العلم إليه فأوحى الله إليه ، إن لي عبدا بمجمع البحرين هو أعلم منك ، قال موسى يا رب فكيف لي به قال : تأخذ معك حوتا فتجعله في مكتل فحيثما فقدت الحوت فهو هناك ، فأخذ حوتا فجعله في مكتل. ثم انطلق وانطلق معه فتاه يوشع ابن نون حتى أتيا صخرة ، ووضعا رءوسهما فناما ، واضطرب الحوت وسقط في البحر فاتخذ سبيله في البحر سربا ، فصار المار عليه مثل الطلق وكأنه دخل في كوة الحائط.
فلما استيقظ نسى صاحبه أن يخبره بالحوت فانطلقا بقية يومهما وليلتهما حتى إذا كانا من الغد ، قال موسى لفتاه آتنا غداءنا لقد لقينا من سفرنا هذا نصبا وتعبا فقال له فتاه : أرأيت إذ أوينا إلى الصخرة بالأمس فإنى نسيت الحوت ، وما أنسانيه إلا الشيطان أن أذكره ، واتخذ طريقه في البحر اتخاذا أثار عجب الناس. نعم كان للحوت في البحر سرب ، ولموسى وفتاه عجب ومراد فتى موسى بقوله (أرأيت؟) تعجب موسى ـ عليهالسلام ـ مما اعتراه هناك من النسيان.
فقال موسى : ذلك ما كنا نبغى ونطلب ، وهذا طلبنا ، فارتدا على آثارهما قاصين الأثر متتبعين سيرهما حتى انتهيا إلى الصخرة فإذا رجل مسجى بثوبه فسلم عليه موسى. فقال الخضر : وأنى بأرضك السلام؟
قال موسى : أنا موسى. قال : موسى نبي إسرائيل؟ قال : نعم. قال : أتيتك لتعلمني مما علمت رشدا. قال : إنك لن تستطيع معى صبرا إذ كيف تصبر على شيء يخالف ظاهره شريعتك. قال موسى : ستجدني إن شاء الله صابرا غير عاص لك أمرا. فقال له الخضر : فإن اتبعتنى فلا تسألنى عن شيء وعن سره حتى أحدث لك منه كرا فانطلقا يمشيان على ساحل البحر فمرت بهما سفينة فكلموهم أن يحملوهم