أسود (نُكْراً) أى : منكرا شديدا (الْحُسْنى) أى : الجنة (سِتْراً) أى :حاجزا يسترهم (سَدًّا) هو ما يسد به (خَرْجاً) أى خراجا والخراج يشمل الضريبة وغيرها (بِقُوَّةٍ) بعدد قوى من الرجال الصناع (رَدْماً) الردم كالسد إلا أنه أكبر منه وأمتن (ما مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ) ما جعلني فيه مكينا من كثرة المال واليسار (زُبَرَ الْحَدِيدِ) أى : قطع الحديد (بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ) هما جانبا الجبل (قِطْراً) أى : نحاسا مذابا (أَنْ يَظْهَرُوهُ) يعلوه ويصعدوا عليه (نَقْباً) أى : خرقا (دَكَّاءَ) مستويا بالأرض.
هذا هو السؤال الثالث الذي سأله اليهود للنبي صلىاللهعليهوسلم وهو بمكة بواسطة بعض المشركين ، وذو القرنين الذي سألوا عنه هل هو الإسكندر المقدونى الذي ظهر قبيل الميلاد؟ بهذا قال بعض العلماء محتجا بأن هذا هو الذي بلغ ملكه أقصى المغرب وأقصى المشرق وأقصى الشمال. وقيل : ليس هو بل غيره من اليمن ، ويظهر ـ والله أعلم ـ أنه ليس هذا ولا ذاك وإنما هو عبد صالح أعطاه الله ملكا واسعا عريضا وأعطاه الحكمة والهيبة والعلم النافع ونحن لا نعرف من هؤلاء؟ ولا في أى وقت ظهر ، وسياق القصة ومخاطبة الله له في أوله (إِمَّا أَنْ تُعَذِّبَ وَإِمَّا أَنْ تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْناً) وقوله (أَمَّا مَنْ ظَلَمَ فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ ثُمَّ يُرَدُّ إِلى رَبِّهِ فَيُعَذِّبُهُ عَذاباً نُكْراً) ، ويدل على أنه لم يكن الإسكندر المقدونى فإنه لا يمكن أن يصدر منه ما نسبه القرآن إليه مما يدل على التوحيد والإيمان بل كان عبدا صالحا كما قلنا وهل هو نبي أو خوطب على لسان نبي ، الله أعلم ، وعدم ثبوت ذلك تاريخيا ليس يضيرنا في شيء فالتاريخ إلى الآن لا يزال يثبت أشياء كانت مجهولة له والحفريات التي يقوم بها علماء الآثار شاهد صدق على ما قلناه ، على أن الذي ينم به القرآن من قصته أنه سيتلو علينا منه ذكرا لا خبرا تاريخيا!!
المعنى :
ويسألونك عن ذي القرنين ، ولم يكن يعرف العرب من أخباره شيئا أبدا ولكن الله ـ سبحانه ـ أمر نبيه بقوله : (قُلْ سَأَتْلُوا عَلَيْكُمْ مِنْهُ ذِكْراً) وعبرا وموعظة إنا مكنا له في الأرض ، وجعلنا له قدرة ومكنة على التصرف فيها ، وآتيناه من أسباب كل شيء أراده في ملكه سببا وطريقا موصلا إليه فأتبع سببا يوصله إليه حتى بلغه.