مِنْ تُرابٍ ثُمَّ قالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ* الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلا تَكُنْ مِنَ الْمُمْتَرِينَ) [سورة آل عمران آية ٦١].
هذا هو القول الحق ، والحكم العدل ، والقول الصدق الذي فيه يمترون ويختلفون ويتشككون ، نعم هو القول الفاصل الذي أطاح بأقوال اليهود في عيسى وأمه ، (وَبِكُفْرِهِمْ وَقَوْلِهِمْ عَلى مَرْيَمَ بُهْتاناً عَظِيماً) [سورة النساء آية ٥٦]. وأطاح بأقوال النصارى الذين قالوا : ابن الله أو ثالث ثلاثة ، أو هو الله .. يا أهل الكتاب (لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلا تَقُولُوا عَلَى اللهِ إِلَّا الْحَقَ) [سورة النساء آية ١٧١].
ولم تتكلم الأناجيل عن عيسى وهو صبي ، وكيف كانت ولادته ، ولم تذكر حادثة النخلة ، ولا نذرها الصوم ، ولا تأنيب قومها لها ، ولا كلامه في المهد ظنا منهم أن ذلك يشين عيسى ، وينقص قدره وقدر أمه ، والقرآن الكريم الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه المنزل من عند الله ، والمهيمن على كتب أهل الكتاب (وَأَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتابِ وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ) هو الذي ذكر كل هذا.
ولا غرابة إذا لم تذكر الكتب السابقة خصوصا الأناجيل ذلك عن عيسى فالله يقول : (فَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ).
نعم إنهم يمترون فيه ويختلفون إلى الآن. ولقد جمع الإمبراطور قسطنطين مجمعا من الأساقفة فاختلفوا في عيسى اختلافا كثيرا وقالت كل فرقة قولا ، فبعضهم قال : إنه الإله. وقالت الأخرى : إنه ثالث ثلاثة. وقالت فئة أخرى : إنه ابن الإله. وقال بعضهم : إنه عبد الله ورسوله وكلمته وروح منه.
ترى أن بعض النصارى نظر بعقله القاصر إلى السيد المسيح وأنه جاء من غير أب وخاطب ربه كثيرا بقوله : يا أبت كما حكى الإنجيل لك فقالوا هو ابن الله وما علم أن الله قادر على كل شيء ، وأننا نحكم بمقتضى الأسباب التي نعرفها أنه لا ولد من غير أب ولكن الله ـ سبحانه ـ الذي خلق الأسباب والمسببات قادر على كل شيء ـ سبحانه وتعالى ـ عما يشركون! ما كان الله أن يتخذ ولدا سبحانه. وكيف يتخذ ولدا؟ وهو الغنى عن الولد والوالد والأخ والصاحب إذ له السموات والأرض الحي الدائم الباقي بعد فناء الخلق جميعا ، وهو القادر على كل شيء إذا أراد نفذ المراد ، وإذا