المعنى :
ويقول بعض أفراد الإنسان أإذا ما مت لسوف أخرج حيا : وأبعث للحساب؟!! إن هذا لعجيب!! نعم يقول الكفار منكرين مستبعدين الحياة للبعث والثواب : أحقا أنا سنخرج أحياء بعد أن متنا ، وتمكن فينا الموت والهلاك؟! والمراد الخروج من القبر أو حال الفناء ، وانظر يا أخى إلى تصوير القرآن لإنكارهم الشديد وأنه منصب على ما بعد الموت ، وهو كون الحياة منكرة ، ولذا قال : أإذا ما مت لسوف أخرج حيا؟ فهو كقولك أحين تمت عليك نعمة فلان تسيء إليه؟؟ ويقول الله ـ سبحانه وتعالى ـ في الرد على هؤلاء :
أيقول الكافر ذلك ولا يتذكر أنا خلقناه من قبل ، ولم يك شيئا؟!! أيقول الكافر ذلك ولا يتذكر نشأته الأولى ، حتى لا ينكر إعادته للبعث فإن الأولى أعجب وأغرب ، وأدل على قدرة الله حيث خلقه ، ولم يك شيئا أبدا فقد خلقه من غير مثال يحتذيه ولا نظام سابق يعيده ويحييه ، وأما الحياة الثانية فقد تقدمت نظيرتها ، وكل ما فيها إعادة تأليف أجزاء تبعثرت ، وتركيبها كما كانت فالإعادة أهون بالنسبة للأولى ، وإن كان البدء والإعادة سواء عند الله ـ سبحانه وتعالى ـ.
فوربك يا محمد لنحشرنهم والشياطين ، إنه قسم من الله برب محمد فهو تشريف له وأى تشريف؟
والله أقسم ليحشرنهم جميعا بعد بعثهم من قبورهم ، ومعهم الشياطين التي هي سبب إغوائهم وضلالهم ليأخذ الكل جزاءه غير منقوص وليروا بأنفسهم أن الشيطان أضلهم وأعمى أبصارهم وسيتنصل منهم (وَقالَ الشَّيْطانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَما كانَ لِي عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ) [سورة إبراهيم آية ٢٢].
ثم بعد هذا لنحضرنهم جميعا حول جهنم جاثمين على ركبهم غير قادرين على الوقوف على أرجلهم من شدة الهول (وَتَرى كُلَّ أُمَّةٍ جاثِيَةً) [سورة الجاثية آية ٢٨].
وهل الضمير هنا في قوله (لَنُحْضِرَنَّهُمْ) للعموم أو للكفار فقط؟ وهذا سيظهر عند الكلام على قوله : (وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وارِدُها).