جندا بمعنى أنهم يرون أنفسهم أنهم شر مكانا لا خير مكانا ، وأضعف جندا لا أقوى ولا أحسن من فريق المؤمنين وإيراد فعل التفضيل تهكم بهم.
ونظير هذه الآية (وَلَمْ تَكُنْ لَهُ فِئَةٌ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللهِ وَما كانَ مُنْتَصِراً) [سورة الكهف آية ٤٣] هذا حالهم. أما حال المؤمنين فيقول الله فيهم :
ويزيد الله الذين اهتدوا وآمنوا هدى وتوفيقا إذ الخير يجر بعضه ، والباقيات الصالحات من أعمال الخير ، وذكر الله وتسبيحه عند ربك خير ثوابا ، وخير عاقبة ومآلا.
ثم أردف الله ـ سبحانه وتعالى ـ بهذا مقالة أولئك المفتخرين المغرورين بالمال والولد على سبيل التعجب والإنكار لهم.
ولهذه قصة خلاصتها كما رواها الأئمة عن خباب ـ وكان قينا أى : حدادا وصائغا ، قال. كان على العاص بن وائل دين فأتيته أتقاضاه فقال لي : لن أقضيك حتى تكفر بمحمد قال فقلت له. لن أكفر به حتى تموت ثم تبعث قال. وإنى لمبعوث من بعد الموت؟!! وإذا بعثت فسوف أقضيك إذا رجعت إلى مالي وولدي (وَلَئِنْ رُدِدْتُ إِلى رَبِّي لَأَجِدَنَّ خَيْراً مِنْها مُنْقَلَباً) [سورة الكهف آية ٣٦] فنزلت هذه الآية.
أفرأيت الذي كفر بآياتنا كلها أو بعضها وقال. والله لأوتين مالا وولدا ، والمعنى أخبرنى بقصة هذا الكافر عقب حديث أولئك المغرورين بمالهم وجاههم.
أنظرت فرأيت الذي كفر بآياتنا كلها أو بعضها وقال. والله لأوتين مالا وولدا يوم القيامة عند البعث ، انظر إلى مقالته وتألّيه على الله مع كفره وجحوده ثم يجيب الله عنه ويرد عليه.
أطلع على الغيب حتى أنه في الجنة؟ أم اتخذ عند الرحمن عهدا بدخول الجنة وأنه سيكون صاحب يسار فيها؟ ولا سبيل إلى العلم إلا بإحدى الوسيلتين إما الاطلاع على الغيب ، أو أخذ العهد.
وفي قوله : أطلع على الغيب؟! إشارة إلى أن الغيب أمر صعب أعلى من الجبل الأشم وأمنع منه منالا إذ هو غيب رب السماء والأرض الذي لا يطلع على غيبه أحد إلا من ارتضى من رسول.