من ربنا أن العذاب والنكال ، والهلاك والدمار في الدنيا والآخرة واقع لا محال على من كذب وتولى ، وكذب بالوحدانية وأعرض عن رسول الله ولم يصدقه.
وكان في جداله يقول : فمن ربكما يا موسى؟ قالا : ربنا الذي أعطى كل شيء خلقه وصورته وشكله ، الذي يناسب المنفعة المطلوبة منه كاليد للبطش والرجل للسير والعين للنظر ، والثدي واختلاف شكله وعدده للرضاع وهكذا.
ثم هدى كل نفس لما يطلب منها ، وما توفق إليه.
قال فرعون : فما بال القرون الأولى؟ التي انقرضت قبلكما ولم يقروا بالوحدانية.
أجابا : إنها في علم الغيب ، والله وحده يعلم ما عملوا وجزاءهم ، وهم في كتاب محفوظ ، لا يطلع عليه أحد.
والله لا يضل أبدا ؛ ولا يخطئ أبدا ، ولا ينسى أبدا ـ سبحانه وتعالى ـ ، وهو الذي جعل لكم الأرض مهادا ، وسلكها سبلا فجاجا ، وجعلها كالفراش المبسوط وهي في الواقع كالكرة المكورة.
وأنزل من السماء ماء فأخرج به أزواجا وضروبا من نبات مختلفة.
كلوا وارعوا أنعامكم ، وتمتعوا بخيراتكم إن في ذلك لآيات لأولى النهى.
من الأرض خلقناكم وفيها نعيدكم ؛ ومنها نخرجكم مرة أخرى للثواب والعقاب تراه وصف الرب ـ سبحانه وتعالى ـ بما يقطع حجة فرعون ، ويرد كيده في نحره ، ويملأ قلبه خوفا من عالم الغيب ، وفيه تذكير له بأصله وأنه من تراب عائد إليه ، فلا يغتر بدنياه وملكه ، وليعلم أن وراءه يوما لا ينفع فيه مال ولا بنون ، وتلك آيات بينات ولكنها لأولى النهى ، إنما يتذكر من يخشى .. ؛ ولقد أرينا فرعون آياتنا كلها وبصرناه بها ، ولكنه كذب وأبى عنادا واستكبارا (وَجَحَدُوا بِها وَاسْتَيْقَنَتْها أَنْفُسُهُمْ ظُلْماً وَعُلُوًّا) (١) (لَقَدْ عَلِمْتَ ما أَنْزَلَ هؤُلاءِ إِلَّا رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ بَصائِرَ وَإِنِّي لَأَظُنُّكَ يا فِرْعَوْنُ مَثْبُوراً) (٢).
__________________
(١) سورة النمل الآية ١٤.
(٢) سورة الإسراء الآية ١٠٢.