فاسِقِينَ (٧٤) وَأَدْخَلْناهُ فِي رَحْمَتِنا إِنَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ (٧٥) وَنُوحاً إِذْ نادى مِنْ قَبْلُ فَاسْتَجَبْنا لَهُ فَنَجَّيْناهُ وَأَهْلَهُ مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ (٧٦) وَنَصَرْناهُ مِنَ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا إِنَّهُمْ كانُوا قَوْمَ سَوْءٍ فَأَغْرَقْناهُمْ أَجْمَعِينَ (٧٧))
المعنى :
وآتينا لوطا الحكم والنبوة ، والعلم والمعرفة ، بأمور الدين والدنيا ، وآتيناه علما نافعا وفهما سليما ، وتلك مقومات النبوة وأسسها ، وهكذا يعد الله ـ سبحانه ـ من يتحمل رسالته بما يجعله أهلا لها وأحق بها ، والله أعلم حيث يجعل رسالته.
ونجيناه من القرية (سدوم) التي بعث فيها ، وكانت تعمل الخبائث والمنكرات ، تلك القرية الظالم أهلها بالفسق والفجور ، إذ كانوا يأتون في ناديهم المنكر ، وكانوا يأتون الرجال من دون النساء كما تقدم في سورة هود.
وأدخلناه في رحمتنا إنه من الصالحين.
وهذا هو نوح الأب الثاني للبشر ، اذكر وقت أن نادى من قبل إبراهيم ولوط ، نادى داعيا على قومه فقال : (رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكافِرِينَ دَيَّاراً) (١). فدعا ربه أنى مغلوب فانتصر ، ولم يدع على قومه بهذا إلا بعد أن دعاهم بالحسنى ألف سنة إلا خمسين عاما ولكنهم أبوا إلا العناد والكفر.
فاستجاب الله دعاءه وأنزل بهم العذاب ، وأغرقهم بالماء الذي هو مصدر الحياة ، فكان عندهم مصدر الفناء ، ونجا الله نوحا والمؤمنين معه من الغرق والكرب الشديد ، ونصره على القوم الكافرين المكذبين الذين كذبوا بآياتنا ، وذلك جزاء الظالمين.
فهل لكم يا كفار مكة أن تعتبروا وتتعظوا بمن سبقكم من قوم لوط ونوح وما حل بهم ، وكيف كان النصر للمؤمنين ، والعذاب الشديد للكافرين.
__________________
(١) سورة نوح الآية ٢٦.