المعنى :
والله يدعو إلى دار السلام ، بطلبه من الناس جميعا الإيمان ، والعمل الصالح الذي يوصل صاحبه إلى دار السلام وهي الجنة فأصحابها يسلمون من جميع الشوائب ، والمتاعب والمخاوف ، وتحيتهم فيها السلام ، وهي دار السلام ـ جل شأنه ـ ، ودعاؤه إلى دار السلام وأمره بالإيمان عام للكل ، وأما الهداية فنوعان : هداية دلالة وإرشاد وهي للجميع «الدعوة للإسلام» ، وهداية توفيق وهي خاصة ، يهدى من يشاء من عباده إلى صراط مستقيم ، أى : يوفق من يشاء إليه.
وها هي ذي صفة من هداهم ربهم إلى صراط الإسلام فوصلوا إلى دار السلام. للذين أحسنوا في العمل المثوبة الحسنى التي تزيد في الحسن على إحسانهم وتشمل المضاعفة للحسنة بعشر أمثالها أو أكثر ، وأما الزيادة فقيل : هي النظر إلى الوجه الكريم. ورؤية المولى ـ جل شأنه ـ بهذا نطق الحديث الشريف ، وقيل : المراد بالحسنى الجنة والزيادة المضاعفة ولا حرج على فضل الله.
ولا يرهق وجوههم قتر ولا ذلة ، ولا يلحق وجوههم الكريمة دخان من سيّئ الأعمال ولا مذلة.
أولئك الموصوفون بما ذكر أصحاب الجنة الملازمون لها هم فيها خالدون.
والذين كسبوا السيئات جزاء سيئة مثلها ، جزاء وفاقا لا يزيدون ولا ينقصون من العذاب شيئا ، وتغشاهم ذلة الفضيحة ، وخزي الظلم والفجور والعمل السيئ ، مالهم عاصم يعصمهم من عذاب الله كالشركاء والشفعاء الذين اتخذوهم أولياء : (يَوْمَ لا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئاً وَالْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ) [سورة الانفطار آية ١٩].
كأنما ألبست وجوههم قطعا من سواد الليل البهيم حالة كونه مظلما فصارت ظلمات بعضها فوق بعض.
أولئك الموصوفون بما ذكر أصحاب النار الملازمون لها هم فيها خالدون ، وفي هذا