المفردات :
(زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ) أصل الكلمة من زل عن الموضع إذ زال عنه وتحرك ، وزلزل الله قدمه أى : حركها ، وعلى ذلك كانت الزلة شدة الحركة مع تكرارها (تَذْهَلُ) الذهول الذهاب عن الأمر مع الدهشة (سُكارى) جمع سكران (مَرِيدٍ) متمرد عات.
المعنى :
يا أيها الناس اتقوا ربكم ، وخذوا الوقاية لأنفسكم من عذابه. وحاصل التقوى أنها ترجع إلى امتثال الأمر واجتناب النهى ، والإحسان في العمل ، والإخلاص فيه.
أمر الله بنى آدم بتقواه ، ثم علل وجوبها عليهم بذكر الساعة وأهوالها ، ولينظروا إلى يوم الحساب ببصائرهم ، ويتصوروه بعقولهم ، حتى يبقوا على أنفسهم ويرحموها من شدائد ذلك اليوم وهوله ، بامتثال ما أمرهم به ربهم من التحلي بلباس التقوى الذي لا يؤمنهم من الفزع إلا هو.
روى أن هذه الآية نزلت ليلا في غزوة بنى المصطلق فقرأها رسول الله صلىاللهعليهوسلم فلم ير أكثر باكيا من تلك الليلة «وكان الصحابة بين حزين وباك ومفكر».
يا أيها الناس. اتقوا ربكم ، إن زلزلة الساعة واضطرابها شيء عظيم هوله كبير وقعه ، إلا على الذين آمنوا وعملوا الصالحات.
يوم ترونها تذهل كل مرضعة عما أرضعت ، نعم في يوم القيامة وساعة الزلزلة تذهل كل مرضعة عن طفلها ، الذي ترضعه ، والذهول : الغفلة عن الشيء بطروء ما يشغل عنه من هم ووجع أو غيره ، والمعنى : أن في هذا اليوم أهوالا تذهل المرضعة عن رضيعها ، وتجعل الناس سكارى ، والولدان شيبا (يَوْماً يَجْعَلُ الْوِلْدانَ شِيباً) وترى الناس كأنهم سكارى ، والواقع أنهم ليسوا سكارى ، ولكن عذاب الله شديد (يَوْمَ تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ* تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ* قُلُوبٌ يَوْمَئِذٍ واجِفَةٌ* أَبْصارُها خاشِعَةٌ) [النازعات ٦ ـ ٩] ومع هذا ما أجهلك يا ابن آدم ، وما أغباك حيث لم تستعد لذلك اليوم ، ولم تأخذ لنفسك الوقاية منه فسيحاسبك خبير عليم وناقد بصير ، ولا تخفى عليه خافية!!