السمن وهذا الاسم خاص بالإبل على الصحيح (صَوافَ) قد صفت قوائمها والإبل تنحر وهي قائمة معقولة وأصل هذا الوصف في الخيل يقال صفن الفرس فهو صافن إذا قام على ثلاث قوائم وثنى سنبك الرابعة ، والسنبك طرف الحافر ، وقرئ صوافي أى خوالص لله ـ سبحانه ـ (وَجَبَتْ جُنُوبُها) أى : سقطت مقتولة على جنوبها ميتة (الْقانِعَ) هو السائل يقال قنع يقنع من القناعة إذا سأل. وقيل : القانع الراضي الذي لا يسأل وفعله قنع يقنع من القناعة فانظر إلى دقة اللغة (وَالْمُعْتَرَّ) هو المعترض الذي يطيف بك طالبا ما عندك بالسؤال أو السكوت ، وقيل المعتر : المعترض من غير سؤال.
المعنى :
من نعم الله علينا أن جعل البدن من شعائر الله تذبح ويتقرب بها ، فهو الذي أعطى ومنح ، وهو الذي يقبل منا ويجازينا على القربى إليه بنعمه التي تفضل بها علينا.
لكم في البدن خير ، وأى خير أكثر من هذا؟ خير في الدنيا وخير في الآخرة فاذكروا اسم الله على ذبحها متقربين بها إليه حالة كونها صواف قائمات على أرجلها ليس بها عيب ولا مرض.
ولعل ذكر صواف يشير إلى أنها تكون سليمة قوية ، وصفها على هذا الوضع يملأ قلب الفقير سرورا واطمئنانا فإذا وجبت جنوبها ، وسقطت على الأرض ساكنة لا حراك بها فكلوا منها جبرا لخاطره ؛ ومخالفة للجاهلين في أنهم كانوا لا يأكلون منها ، وهذا الأمر للإباحة ، وأطعموا منها السائل وغير السائل ، القانع المعترض حتى يطعم الكل ، وهكذا الإسلام حريص كل الحرص على أن تكون أعياد المسلمين العامة فيها الفقير ينعم بالخير ، ويتمتع بزكاة الفطر ، والأضحية ، والبدن التي تنحر في الحج.
وفي هذا إشارة إلى وجوب التضحية والبذل والفداء حتى يتحقق معنى العيد وحتى تكون كل النفوس راضية مرضية.
مثل ذلك التسخير سخرنا الحيوانات لكم وهي أقوى جسوما ، ولكن خلق الله لكم ما في الأرض جميعا ، وذلل لكم الطبيعة بكل قواها ، لعلكم تقومون بواجب الشكر للخالق البارئ المصور ـ سبحانه وتعالى ـ.