الليل في النهار بزيادة وقته على حساب النهار (مُخْضَرَّةً) ذات خضرة (سَخَّرَ لَكُمْ ما فِي الْأَرْضِ) ذلل لكم ما في الأرض تنتفعون به وتذللونه.
المعنى :
ـ الملك يومئذ لله يحكم بين عباده فالذين آمنوا وعملوا الصالحات لهم جنات النعيم ، والذين كفروا وكذبوا بآياته لهم العذاب المقيم خالدين فيه أبدا.
والذين هاجروا في سبيل الله ، وتركوا أوطانهم وديارهم في سبيله وكرسوا حياتهم للجهاد مع رسوله ، وإنما خص هؤلاء بالذكر لسمو قصدهم وعلو مكانتهم عند ربهم ، وهؤلاء الذين هاجروا ثم قتلوا بعد ذلك أو ماتوا ليرزقنهم الله رزقا حسنا ، وانظر إلى علو مكانتهم عند ربهم إذا قتلوا أو ماتوا.
ليرزقهم الله رزقا حسنا من عنده. وهو خير الرازقين إذ يعطى بغير حساب وينفق كما يشاء ، وكل عطاء فهو من فضل عطائه ، ليدخلنهم مدخلا يرضونه يوم القيامة ، وهذا المدخل الكريم ما أعد لهم في الجنة من النعيم المقيم ، وهذه الجملة بيان للرزق الحسن إذ لا يعقل أن يكون رزقا في الدنيا بعد الموت أو القتل إلا على التأويل ، ولا غرابة في ذلك فالله هو العليم بأسرار النفوس ، وطوايا القلوب ، حليم بعباده لا يعاجل بالعقوبة بل يعفو ويغفر ، ويمهل ولا يهمل.
الأمر ما قصصناه عليك من إنجاز ما وعدنا المهاجرين الذين قتلوا أو ماتوا. أى الأمر ذلك.
روى أن طوائف من أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم. ورضى عنهم قالوا : يا رسول الله : هؤلاء الذين قتلوا في سبيل الله قد علمنا ما أعطاهم الله من الخير ، ونحن نجاهد معك كما جاهدوا فما لنا إن متنا معك؟ أى فما حالنا لو متنا بلا قتل؟!! فأنزل الله هاتين الآيتين ـ وهما يفيدان التسوية بين من مات على فراشه ومن قتل في سبيل الله (... وَمَنْ عاقَبَ بِمِثْلِ ما عُوقِبَ بِهِ ثُمَّ بُغِيَ عَلَيْهِ لَيَنْصُرَنَّهُ اللهُ إِنَّ اللهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ) [الحج ٦٠].
ووضع هذه الآية هنا يفيد معناها : أن هؤلاء المهاجرين المقاتلين في سبيل الله مع إكرامى لهم في الآخرة بما عرفتم لا أدعهم بل أنصرهم في الدنيا على أعدائهم ، وهذا مشروط بنصرهم لله (إِنْ تَنْصُرُوا اللهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدامَكُمْ) [سورة محمد آية ٧].