المفردات :
(مَنْسَكاً) عبادة وشريعة يعبدون بها ربهم ، والفعل نسك ينسك فهو ناسك ، ونسك أى : عبد فهو عابد.
المعنى :
العالم يتطور تطور الإنسان في الحياة فمن الطفولة إلى دور الشباب إلى دور الرجولة الكاملة ، وتلك سنة التطور ، وقد عالج الله العالم وقت أن كان كالطفل بعلاج التوراة التي أنزلت على موسى تحكم بالشدة ؛ وتعنى بالمادة ، ثم جاء الإنجيل متمما لحكم التوراة مع علاج الروح ؛ وتنمية الغرائز ، والعالم كان في شبابه ميالا لناحية الروح ، ثم لما كمل العالم ، وتمت رجولته ، وأصبح قادرا على تحمل رسالة خاتم المرسلين محمد صلىاللهعليهوسلم أرسل له بتشريع يجمع بين العناية بالمادة والروح ، وكان تشريعه وسطا (وَكَذلِكَ جَعَلْناكُمْ أُمَّةً وَسَطاً) [سورة البقرة آية ١٤٣].
نعم لكل أمة من الأمم جعلنا منسكا وشريعة تعبد بها ربها ، وهي مناسبة لها فكانت التوراة منسك الأمة التي كانت من مبعث موسى إلى مبعث عيسى ، والإنجيل منسك الأمة من مبعث عيسى إلى مبعث محمد ـ عليهم جميعا الصلاة والسلام ـ ، وكان القرآن وما فيه من تشريع وحكم شامل لكل مناحى الحياة الدنيا والأخرى منسك هذه الأمة إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها ولقد أرسل محمدا صلىاللهعليهوسلم ونزل عليه القرآن هدى للناس جميعا وبينات من الهدى والفرقان ، والعالم في أشد الحاجة إليه ، فكان رحمة للعالمين ، ومنقذا للإنسانية المعذبة الضالة بين المادية القاسية ، والوثنية الضالة (لِكُلٍّ جَعَلْنا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهاجاً) [سورة المائدة آية ٤٨].
وإذا كان الأمر كذلك فلا ينازعنك في الأمر ـ أى أمر الدين ـ فهذا هو الدستور الذي نسخ جمع الدساتير السالفة ، وهذا نهى لهم عن النزاع ، وأنت يا محمد لا تلتف لنزاعهم وجدالهم واثبت في دينك ثباتا لا يطمعون معه أن يخدعوك ليزيلوك عنه ، وادع كل الناس إلى سبيل ربك وهو دين الله الحق ، وتوحيده الخالص ، إنك على الحجة البيضاء ليلها كنهارها ، وأنت على الطريق المستقيم الذي لا عوج فيه ، فادع الناس جميعا إلى الإسلام وإن أبوا إلا جدالك بعد ظهور الحجة عليهم فكل أمرهم إلى الله وقل لهم :