ولما كانوا لا يعترفون بالبعث والميعاد لقن الله رسوله الجواب إذ لا يمكنهم الجواب أبدا. قل : الله يبدأ الخلق ثم يعيده إذ القادر على البدء قادر على الإعادة ، وهم يرون الإعادة تتكرر كل عام في النبات والكون ، بقدرة الله وحده أفلا يحكمون عقولهم؟ ويسلمون بمبدأ البعث والجزاء يوم القيامة!
فأنى تؤفكون؟ فكيف تصرفون عن ذلك الحق وهو من دواعي الفطرة والطبيعة والنظر السليم؟ إلى الباطل والجهل بالمصير.
قل لهم : هل من شركائكم من يهدى إلى الحق والخير؟ هداية بالطبيعة والفطرة أو بالتشريع والتقنين ، أو بالتوفيق ومنع الصوارف ، هذه الهداية بأنواعها من تتمة الخلق والتكوين (رَبُّنَا الَّذِي أَعْطى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدى) (١) وهم بأى شيء يجيبون عن هذا؟!! والشواهد كثيرة تدل على الجواب المتعين الذي لقنه الله إلى رسوله : قل لهم : الله يهدى للحق ، ويهدى إلى صراط مستقيم ، وهو يمن عليكم أن هداكم للإيمان.
أفمن يهدى إلى الحق والهدى ، والخير والفلاح ، أحق أن يتبع فيما يشرعه؟
أم من لا يهتدى إلى الخير أبدا في حال من الأحوال إلا أن يهدى؟ أى يهديه الله وذلك كالأصنام لا تهتدى أبدا إلى الخير ولا تهدى إلى الخير ، وأما عزير والمسيح والملائكة فتهدى إلى الخير ولكن بهداية الله ـ سبحانه وتعالى ـ وهذا معنى قوله : (إِلَّا أَنْ يُهْدى).
فما لكم؟ استفهام تعجب وتقريع عن حالهم على معنى أى شيء أصابكم؟ وماذا دهاكم؟ حتى تتخذوا أصناما وآلهة بهذا الوصف!!
كيف تحكمون؟ وعلى أى حال ووضع تحكمون بجواز عبادتهم أو وساطتهم وشفاعتهم عنده؟ نعم إن هذا لشيء عجيب!!
والحق الذي لا مرية فيه أنه ما يتبع أكثرهم في هذا إلا الظن لا اليقين وما يتبعون في شركهم وإنكارهم البعث ، وتكذيبهم الرسول ـ عليه الصلاة والسلام ـ إلا ضربا
__________________
(١) سورة طه آية ٥٠.