وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْظُرُ إِلَيْكَ أَفَأَنْتَ تَهْدِي الْعُمْيَ وَلَوْ كانُوا لا يُبْصِرُونَ (٤٣) إِنَّ اللهَ لا يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئاً وَلكِنَّ النَّاسَ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (٤٤))
القرآن الكريم هو المعجزة الباقية الخالدة ، الدالة على صدقه صلىاللهعليهوسلم القائمة مقام قول الحق : «صدق عبدى في كلّ ما يبلّغه عنّى» لذلك كانت عناية القرآن الكريم بإثبات أنه من عند الله ، وليس من عند النبي صلىاللهعليهوسلم كما نرى في كثير من الآيات ، ولا ننسى أنه أساس الدين ، ودستور الإسلام ، فإثبات التوحيد ، والبعث ، وأن القرآن كلام الله من مقاصد الدين الهامة.
المعنى :
وما كان هذا القرآن العظيم الشأن في أسلوبه ونظمه ، وبلاغته وحجته ، وتشريعه وعلمه ، وحكمته وأدبه ، وسياسته الإلهية ، والاجتماعية ، والعمرانية ، والاقتصادية وقصصه وأخباره عن الغائب في ضمير الزمن والمستقبل في كنه الكون ، نعم ما كان وما صح ولا يستقيم أبدا في نظر العقل أن يفترى هذا القرآن أحد من الناس مهما كان!! يفتريه من دون الله وينسبه إليه إذ لا يقدر عليه إلا الله ـ سبحانه وتعالى ـ فليس القرآن من كلام محمد وإنما هو وحى من عند الله. ثم ذكر ما يؤكد هذا بقوله : (وَلكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ ..) أى : ولكن كان هذا القرآن تصديقا لما بين يديه من الكتب السابقة المشتملة على الوحى لرسل الله بالإجمال : كإبراهيم وموسى وعيسى. ولما فيه من الدعوة إلى الإيمان والتوحيد الخالص. وإثبات البعث والجزاء فهو على نسق ما قبله ، ومحمد ليس بدعا من الرسل ، وكان تفصيل جنس الكتاب المنزل فيه الشرائع والحكم والمواعظ والقصص ، وأصول الاجتماع والشرائع فكيف يكون من عند البشر؟! ولا ريب فيه أبدا لأنه الحق والهدى ، وهو من عند رب العالمين لا يقدر عليه غيره