ذاتية لله كتبها على نفسه ، وأنه هو التواب الذي يقبل التوبة عن عباده ، ويعفو عن السيئات لو لا ذلك كله لكان ما كان مما لا يطاق ، ولا تحيط به العبارة.
حقا إن الله ـ سبحانه وتعالى ـ بما شرع من اللعان قد خلصنا من أزمات جسام! هب أن الرجل الحر فوجئ برجل على سريره يفعل المنكر فإن قتله قتل به أو ناله أذى على فعله شديد ، وإن سكت سكت على ما لا يطاق ، وإن تكلم ورمى زوجته بالزنى أقيم عليه الحد ، وردت شهادته بين المسلمين فماذا يكون إذا؟
تفضل ربكم عليكم بتشريع يرفع هذا الحرج كله رحمة منه وفضلا فأباح للرجل أن يثبت قوله بشهادته أربع مرات على ما سبق بيانه ، ولم يهمل شأن المرأة فقد يكون للظن السيئ والغيرة الشديدة أثر كبير في رمى الزوجة بالزنى وهي بريئة ، ففتح لها باب الخلاص تدفع عن عرضها وشرفها وشرف قومها ، فشرع لها اللعان ، ورحمهما معا بالستر على الكاذب منهما في الدنيا ، وقد يتوب فتقبل توبته فينجو من عذاب الدنيا والآخرة ، فأى حكم أعدل وأرحم وأفضل من هذا؟!!!
وروى في سبب نزولها : أن هلال بن أمية قذف امرأته عند النبي صلىاللهعليهوسلم بشريك ابن سحماء فقال النبي صلىاللهعليهوسلم : «البيّنة أو حدّ في ظهرك قال : يا رسول الله ، إذا رأى أحد رجلا على امرأته يلتمس البينة! فجعل النبي صلىاللهعليهوسلم يقول : «البيّنة وإلّا حدّ في ظهرك» فقال هلال. والذي بعثك بالحق إنى لصادق ، ولينزلن الله في أمرى ما يبرئ ظهري من الحد فنزلت الآية. وقيل إن القاذف لزوجته عويمر بن زيد لا هلال بن أمية.
وروى أن آية القذف لما نزلت (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ) الآية وتناول ظاهرها الأزواج وغيرهم قال سعد بن معاذ : يا رسول الله إن وجدت مع امرأتى رجلا أمهله حتى آتى بأربعة! والله لأضربنه بالسيف غير مصفح عنه فقال رسول الله : «أتعجبون من غيرة سعد لأنا أغير من سعد. والله أغير منّى» ثم لم يمض يسير من الزمن حتى جاء هلال بن أمية ورمى زوجته بالزنى ، ونزلت الآية ..