المعنى :
والذين يرمون أزواجهم بالزنا ، وكأن الكلمة قبل أن تتكلم بها تكون في ملكك فإذا خرجت منك كانت كالسهم إذا انطلق فلا يمكن رده ؛ ولعل هذا مما يساعد على تفهم السر في التعبير عن القذف بالرمي على ما فيه ـ كما قلنا ـ من الألم والضرر.
ولم يكن لهم شهداء إلا أنفسهم ، وهذا أمر معقول فربما يدخل الرجل على امرأته في أماكنها الخاصة فيجد معها الأجنبى على هيئة منكرة فماذا يعمل! أيخرج يطلب الشهود! قد لا يتصور هذا ؛ أيسكت ويلحق بنفسه من لا يستحق هذا النسب ، ويتخذ لأولاده أخا يرثه ويرثهم وهو لا يستحق! إن هذا لأمر خطير.
ولكن الشارع الحكيم قال : إن لم يكن له شهداء يشهدون على مثل الشمس رؤية ويقينا ، إذا لم يكن ذلك فليشهد أربع شهادات بالله ، فيقول : أشهد بالله العظيم إنى لصادق فيم رميت به زوجتي فلانة من الزنى (أربع مرات) ويقول في المرة الخامسة : وعلى لعنة الله إن كنت من الكاذبين في دعواي ، وحينما رمى زوجته بالزنا وجب عليه الحد كما نصت الآية السابقة فإنها عامة من المحصنات سواء كن زوجات أو أجنبيات.
وليس يرفع الحد إلا البينة بأربعة شهود أو اللعان منه أى أن يشهد أربع شهادات ثم الخامسة كما تقدم ... عند ذلك يجب عليها الحد إن لم تلاعن هي الأخرى ، وذلك كله بعد تحذير الحاكم لهما من الكذب وخطره ، وبيان أن عذاب الدنيا بالحد أخف بكثير من عذاب الآخرة فإن أصرت الزوجة على تكذيب زوجها لا عنت فشهدت أربع شهادات بالله العظيم إنه لمن الكاذبين ، وتقول : أشهد : بالله العظيم إن فلانا هذا زوجي لمن الكاذبين فيما رمانى به من الزنى ، وفي الخامسة تقول : وعلى غضب الله إن كان من الصادقين.
وهذا معنى قوله تعالى : (وَيَدْرَؤُا عَنْهَا الْعَذابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهاداتٍ) ومن أحكام اللعان أنه متى لا عن الزوج حرمت عليه زوجته ، قيل حرمة مؤبدة وقيل كالطلقة البائنة يجوز له أن ينكحها إذا عاد وكذب نفسه وأقيم عليه الحد.
ولو لا ما حفكم من فضل الله ومزيد إحسانه الذي منشؤه الرحمة التي هي صفة