التي هي نواة المجتمع النظيف ، ويكرر النظر في ذلك يجد أن ذلك نور لو استضأنا به ما أظلمت حياتنا أبدا ، ولما وقعنا في خطر أبدا ، وكيف نضل ، ومعنا النور الإلهى الذي يهدينا إلى الحق؟!! والله هو صاحب النور في السموات والأرض ، هو يهدى إلى الحق ، ويهدى إلى طريق مستقيم.
واعلم يا أخى أن الهدى والنور ـ بمعنى الاهتداء ـ أساس الفوز في الأعمال وأصل النجاح فيها ، وعلى الهدى والنور تؤتى الأعمال ثمرتها والمرجو منها ، من أجل هذا توسعوا في لفظ النور حتى أطلقوه على كثير من المعاني التي تعتبر أساسا لغيرها في الثمرات فقيل : فلان نور البلد ، إذا كان عليه نظامها وإليه يرجع الفضل في تدبير أمرها وترتيب شئونها ؛ ويقال لنفس النظام والتدبير : نور فيقال مثلا : قد بنى هذا النظام على نور أى نظام وإتقان.
وعلى هذا يمكن أن نفهم قوله تعالى (اللهُ نُورُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) الآية على ما يأتى :
الله ـ سبحانه وتعالى ـ هو صاحب النور في السموات والأرض وهو خالق ذلك النور الحسى فيهما ؛ وهو صاحب النور فيها بمعنى أنه هو الذي بث فيهما من كمال النظام وحسن التدبير ، ما لو تفكر فيهما إنسان بعقل حر برىء لآمن به إيمانا كاملا ؛ وهو ـ تبارك وتعالى ـ نور السماء بالملائكة ، والأرض بالشرائع وما فطر عليه النفوس من الفطر السليمة التي تهدى إلى الحق ، والله ـ سبحانه وتعالى ـ نور السماء بالكواكب ، والأرض بالأنبياء.
ولك أن تقول بالإجمال ، الله ـ سبحانه ـ هو المدبر لما يجرى في السموات والأرض وهو المبدع لخلقهما ، وهو منزل الشرائع وباعث الملائكة بالوحي ، والهادي لعباده بالأنبياء والرسل جل شأنه وتبارك اسمه وتقدس في علاه ، فهو نور السموات والأرض حقا.
وإن أردت أن تتمثل نور الحق ـ تبارك وتعالى ـ ، وتتصوره بمثال حسى يجلوه لك فهو كمشكاة فيها مصباح قد وضع في زجاجة صافية كأنها كوكب درى.
مثل نوره وهدايته التي بسطها للعالمين من أدلة عقلية وسمعية وأحكام صحيحة وفي