المعنى :
ـ وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليجعلنهم خلفاء الله في أرضه ووعده ناجز ، وقوله صادق فالله لا يخلف الميعاد وقد شرط الله ذلك بالإيمان والعمل الصالح فإن تحقق الشرط تحقق المشروط ، والعكس صحيح ، وقد حقق الله وعده ، ونصر عبده ، وأعز جنده ، وهزم الأحزاب وحده ، فاستخلف المؤمنين في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم ، ومكّن لهم دينهم ، وبدلهم من بعد خوفهم أمنا.
ولا يزال هذا شأن كل أمة مسلمة تؤمن بالله حقا وتعمل الصالح الذي أمر الله ـ تعالى ـ به. ونهى عن غيره ، فأقاموا العدل والنظام وحكموا بما أمر الله ، وأخذوا الحيطة لأنفسهم كجماعة ودولة.
والتمكين لهم في دينهم بإعزاز جانبه. وإرساء قواعده. وتقوية حجته. حتى يقبلوا عليه بنفوس اشتراها الله ليكون لهم الجنة فيجاهدون في سبيله بأموالهم وأنفسهم ابتغاء رضوانه.
(وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً) اعلم يا أخى أن المؤمنين بالله في كل عصر وزمن قلة بالنسبة لغيرهم فيريد الله أن يقلع جذور الخوف من قلوبهم. ويملؤها. إيمانا ويقينا وثباتا بنصر الله ومعونته وتأييده ودفاعه عنهم. ليعلموا أن النصر والنهاية الحسنة لهم ما داموا مؤمنين عاملين. عابدين حقا لا يشركون به شيئا. والإشراك بالله باب واسع يشمل الشرك في العقيدة كالمشركين والوثنيين ، ويشمل الشرك في العمل كالمرائين والمتكبرين والمعجبين.
ولقد وعد الله المؤمنين أن يخلفهم في الأرض وأن يمكن لهم في دينهم وأن يبدل خوفهم أمنا إذا آمنوا إيمانا عميقا. وعملوا عملا وثيقا. وعبدوا الله عبادة خالصة يتحقق فيها قوله تعالى. (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ).
ومن كفر بعد ذلك البيان الكامل الذي ينير الطريق. فأولئك هم الفاسقون الخارجون عن حدود الدين الصحيح وفي هذا تهديد ووعيد.
أيها المؤمنون إن العمل الصالح له دعائم. هي إقامة الصلاة التي هي عماد الدين التي تجر إلى فضائل كثيرة. وتنهى عن رذائل كثيرة ، ولا تعترض بما يفعله بعض المصلين