يا أيها الناس قد جاءكم بهذا الكتاب وعظ يزلزل القلوب ، ويرقق الطباع ، ويصلح الأعمال ، ويشفى أمراض الصدر ، ويطهر القلوب ويهدى الناس إلى طرق الخير ، ويغرس في قلوب المؤمنين أكثر من غيرهم رحمة على الغير وتعاطفا على الجميع.
وها هو ذا القرآن الكريم وما فيه من تشريعات ، وتوجيهات ، ووصايا ، وحكم ، وقصص ، وآداب ، واجتماع يهدف إلى أربعة أغراض :
١ ـ موعظة حسنة من الذي رباكم وتعهدكم بفضله ورحمته وأسبغ عليكم نعمه ظاهرة وباطنة (هذا بَيانٌ لِلنَّاسِ وَهُدىً وَمَوْعِظَةٌ لِلْمُتَّقِينَ) [سورة آل عمران آية ١٣٨] (إِنَّ اللهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ) [سورة النساء آية ٥٨].
٢ ـ (وَشِفاءٌ لِما فِي الصُّدُورِ) من أمراض الشك والنفاق ، والشرك ومخالفة الوجدان والحقد والحسد ، والبغي والعدوان ، وحب الظلم وكراهية العدل وغير ذلك من الأمراض التي يضيق بها الصدر ويموت بها الضمير الحي.
٣ ـ والقرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان ، فهو الذي يبين الحق من الضلال ، ويهدى إلى الخير والرشاد ، ويحذر من البغي والفساد.
٤ ـ (وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ) وهي صفة قلبية نتيجة لما مضى من الوعظ والشفاء والهدى فالوعظ تعليم ينشأ عنه الشفاء من الأمراض وإزالة الأوساخ ، ويترتب عليهما الهداية والتوفيق إلى الخير ، وينشأ عن الثلاثة الرحمة وهي الرقة في القلب ، وهي بكمال صفتها لا تكون إلا في المؤمنين الكاملين.
وفي السنة المطهرة الكثير من الأحاديث التي تحث على الرحمة بالخلق جميعا ، ويكفيها شرفا أنها صفة المؤمنين (وَتَواصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ) [سورة البلد آية ١٧] أليس الرحمة من صفات النبي صلىاللهعليهوسلم (بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ).
قل لهم : (بِفَضْلِ اللهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذلِكَ فَلْيَفْرَحُوا) أصل العبارة في التركيب العادي ليفرحوا بفضل الله وبرحمته ، ولكنها بالأسلوب القرآنى آية في البلاغة يعجز القلم عن بيان نواحيها وأحسن وصف لها أنها آية من كلام الله وكفى!!
ولكن لا مانع من بيان بعض النواحي. فلقد قدم بفضل الله وبرحمته ليفيد الاختصاص أى : ليكن الفرح والسرور بفضل الله وبرحمته فقط ، وكانت الفاء في