القرآن. وعلى إيجاده (كِتابٌ أُحْكِمَتْ آياتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ) ومع هذا فالله غفور رحيم لمن يتوب ويرجع عن عناده وكفره.
وانظر إليهم ، وقد ساقوا صفات النبي صلىاللهعليهوسلم زعموا أنها تتنافى مع الرسالة ، وهذه الشبهة إن دلت على شيء فإنما تدل على قصر في العقل ، وسوء في الرأى ، ومادية غالبة أضلتهم السبيل ، وأعمتهم عن الصراط المستقيم.
(١) يأكل الطعام (٢) يمشى في الأسواق.
(٣) ليس معه ملك من السماء يؤيده.
(٤) لم يلق إليه كنز ينفق منه.
(٥) لم تكن له جنات وبساتين يأكل منها. كأنهم فهموا أن الرسالة تتنافى مع البشرية ، وكيف يكون رسولا وهو يأكل ويتبرز ، ويأتى النساء ، ويمشى في الأسواق؟!! ، وما علموا أن الرسول بشر أوحى إليه (قُلْ إِنَّما أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحى إِلَيَّ أَنَّما إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ) [سورة فصلت آية ٦].
إن تعجب فعجب هذا كيف ينكرون الرسالة لبشر من الناس ثم يعبدون حجرا لا يسمع ولا يبصر!!! فكأن الألوهية لا تتنافى مع الجماد والحجر.
أما طلبهم أن يكون معه ملك يؤيده في قوله فها هو ذا القرآن هو المعجزة الباقية الشاهدة على صدق الرسول فيما يدعيه عن ربه ، وهو المؤيد له والمدافع عنه ؛ أما كونه ليس له كنز ، وليس له جنة كأغنيائهم ورؤسائهم ، فالله أعلم حيث يجعل رسالته! وليس الرسول نائبا عن الأغنياء والأثرياء ، لكنه رسول الله إلى الناس ، يهديهم ويقودهم إلى الخير في الدنيا والآخرة فمن تتوفر فيه صفات الرسالة هو الرسول.
وقال المشركون الظالمون : ما تتبعون إلا رجلا قد سحر عقله ، وطاش فكره انظر يا محمد : كيف ضربوا لك الأمثال؟ ووصفوك بهذه الصفات فقالوا : كاذب ، أو ساحر ، أو مجنون ، أو هو رجل يمشى في الأسواق ، أو يأكل الطعام .. إلخ ما ذكروه هنا ، كل ذلك لينالوا منك ، وينفروا الناس عنك ، يريدون أن يطفئوا نور الله بأفواههم ، ويأبى الله إلا أن يتم نوره ، ولو كره الكافرون ، وانظر إليهم فقد ضلوا عن سواء السبيل إذ الطعن عليك إنما يتوجه إلى معجزتك أو عملك أو خلقك لا إلى هذه الأشياء التي ذكروها ، وهم لا يستطيعون سبيلا إلى إطفاء نور الله ، وعدم تأييد رسول الله أبدا.