دليلا عليه؟ أليس في ذلك كله ما يدل على الخبير البصير القوى الحكيم؟ على أنه بنا رءوف رحيم.
وانظر إلى قوله تعالى : (ثُمَّ قَبَضْناهُ إِلَيْنا قَبْضاً يَسِيراً) وكأنه يسير الهوينا ، ولا شك أن قبضه وبسطه يسير على فاطر السموات والأرض.
إنها الشمس تشرق على الكون فتملؤه حياة وبهجة وحركة ودفئا ، ويظهر بسببها الظل في أول النهار ، والفيء من آخره ، ثم يأتى الليل بجحافله ، فتغيب الشمس ، ويحمر الأفق ، وتبيت الطير ، وتسكن الحركة ، وينام الناس .. أليس في ذلك كله مظاهر دالة على قدرة الله؟
وهو الذي جعل الليل لباسا ، فهو ساتر بظلامه الناس. وفي ظلام الليل وسكونه آية وأى آية؟ على وجود الله ، وفيه منافع للناس في الدنيا والدين ، لا تخفى على ذي بصيرة.
سبحانك يا رب خلقت فأبدعت ، وصنعت فأحكمت ، ولا غرابة فأنت الحكيم العليم!! يا أخى تصور أن الله حرمنا من الليل والنوم ، أيكون للدنيا ذلك البهاء ، وتلك الروعة؟ إننا نبيت متعبين مكدودين فنأوى إلى فراشنا طلبا للراحة والهدوء فيمن الله علينا بالنوم والسبات العميق فيقطع علينا تفكيرنا وألمنا ، ويجدد من نشاطنا بل ويبعثنا من جديد ، فنصحو وكلنا نشاط وقوة وعمل واجتهاد ، حقا من نعم الله علينا أن جعل لنا النوم سباتا ، والنهار معاشا ، وإن من يحاول العمل في الليل والنوم في النهار لا يفلح ولا ينتج وما أحسن جعل الليل للسبات والنهار للنشور والمعاش.
وهو الذي أرسل الرياح مبشرات بين يدي رحمته تبشر بالغيث والمطر والإنبات وسير السفن ، وأنزل ربك من السماء ماء طهورا ، أى في نفسه مطهر لغيره ، يزيل النجس والخبث ، ويرفع الحدث.
أنزله ليحيى به الأرض بعد موتها ، إذ حياة الأرض بالزرع والنبات ، فالأرض المجدبة ، والصحراء القاحلة ميتة لا حياة فيها ، وإذا كان هذا حالها فما بال البلاد الواقعة فيها والناس الذين يسكنونها؟!! ومن المطر يشرب من خلق الله الأنعام من إبل وبقر وغنم وغيرها : ويشرب منه ويحيا به خلق كثير ، ربطت حياتهم بالمطر ، وهم سكان الصحارى والقفار.