يهب له زوجا وذرية مؤمنة صالحة عاملة الخير مبتعدة عن الشر لتقر عينه وتسكن نفسه ، ولا تتطلع إلى غيره ، وليس معقولا أن يطلب ذلك لمال أو جمال بدليل قوله تعالى بعد ذلك : (وَاجْعَلْنا لِلْمُتَّقِينَ إِماماً) يقتدى بنا في الإيمان العميق والعمل الوثيق «إنكم أيها الرهط أئمة يقتدى بكم» وكان ابن عمر يقول في دعائه : اللهم اجعلنا من أئمة المتقين أولئك الموصفون بما ذكر من جليل الصفات وعظيم الأعمال والخلال الإيجابية والسلبية وهي إحدى عشرة صفة : التواضع وعدم الكبر ، والحلم. والتهجد ليلا. والخوف من عذاب الله ، وترك الإسراف والتقتير ، والبعد عن الشرك ، والزنا ، والقتل ، والبعد عن شهادة الزور ، ودعاء الله بصالح الأزواج والذرية أولئك يجزون الغرفة بما صبروا ، ويعطون الجنة بما عملوا من صالح الأعمال ، ويلقون فيها تحية من الله وسلاما من الملائكة.
خالدين فيها حسنت الغرفة مستقرا ، وحسنت مقاما (وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ خالِدِينَ فِيها ..) [سورة هود آية ١٠٨].
وفي الختام بين الله أنه غنى عن الكل ، وإنما كلفهم لينتفعوا ، وعذبهم لعصيانه وتكذيب رسله فقال ما يفعل الله بعذابكم ... الآية والمعنى.
لا يبالى بكم ، ولا يكترث ، وليس لكم وزن عنده إذا لم تعبدوه ، فإنه إنما خلق الخلق ليعبدوه ، ويوحدوه ، ويسبحوه بكرة وأصيلا ، والمعنى لو لا إيمانكم ما أبالى بكم أى : إنى لا أعتد بعبادي إلا لعبادتهم ، وأما أنتم يا كفار مكة فقد خالفتم بتكذيبكم حكمى فسوف يلزمكم نتيجة تكذيبكم وهو عقاب الآخرة لزوما دائما مستمرا (فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيها زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ* خالِدِينَ فِيها ما دامَتِ السَّماواتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا ما شاءَ رَبُّكَ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِما يُرِيدُ) [سورة هود الآيتان ١٠٦ ، ١٠٧].