عليه الثناء الجميل ، ويدعو بلسان رطب لسان مشغول بذكره تعالى لا ينساه ، أما حال الناس فلا يخلو إما أن يكونوا مؤمنين أو كافرين ، ولذا تعرض القرآن لهاتين الحالتين فقال :
وأزلفت الجنة للمتقين ، نعم ، وقدمت لهم مجلوة كالعروس تملأ العين بهجة والقلب رواء ، فلم يبحثوا عنها ، ولم يتعبوا يوم القيامة في طلبها ، وبرزت الجحيم للغاوين ، وظهرت لهم تملأ قلوبهم حسرة ، ونفوسهم حزنا وكدرة على ما فرط منهم من جهل وضلال في الدنيا ، وقيل لهم تأنيبا : أين ما كنتم تعبدون؟ أين أولياؤكم من دون الله؟ هل ينفعونكم اليوم؟ هل ينصرونكم ويمنعونكم من العذاب؟ وهل ينصرون هم من عذاب الله؟ .. لا هذا ولا ذاك ولكنهم جميعا العابد والمعبود يلقون في النار على وجوههم ، وسيلقى الله بعض الكفار على بعض إلقاء مكررا حتى يهوون في قعر جهنم جزاء بما كانوا يعملون.
فكبكبوا فيها هم والغاوون لهم من شياطين الإنس والجن وجنود إبليس وأعوانه أجمعون.
قالوا أى بعضهم لبعض ـ وهم في جنهم يختصمون ـ تالله إن كنا لفي ضلال مبين ، إذ نسويكم أيها الأصنام والأحجار والملائكة وبعض البشر إذ نسويكم برب العالمين ، ونجعل أمركم كأمره ، وطاعتكم كطاعته ، وفي الحق ما أضلنا إلا المجرمون فما لنا من شافعين يشفعون لنا ، وما لنا من صديق حميم يدافع عنا أى ليس لنا هذا ولا ذاك (إِنَّ ذلِكَ لَحَقٌّ تَخاصُمُ أَهْلِ النَّارِ) [سورة ص آية ٦٤].
فلو أن لنا كرة فنكون من المؤمنين ، تمنوا أن يرجعوا إلى الدنيا مرة ثانية ليعملوا ولكن كما قال لهم الله (وَلَوْ رَحِمْناهُمْ وَكَشَفْنا ما بِهِمْ مِنْ ضُرٍّ لَلَجُّوا فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ) [سورة المؤمنون آية ٧٥] إنها قلوب عميت وضلت ولن تهتدى أبدا.
إن في ذلك لآية وعبرة ، نعم إن في محاجة إبراهيم لقومه ، وتغلبه عليهم ، وإقامة الحجة عليهم في التوحيد لآية وعبرة لأولى الألباب ، وإن في موقف إبراهيم من أبيه وقومه لما يثبت قلب النبي ويهدئ روعه فلا يحزن على كفر قومه ؛ وما كان أكثرهم مؤمنين ، وإن ربك لهو العزيز المنتقم الجبار لمن عصاه ، الرحيم بعباده المؤمنين الطائعين ...