المفردات :
(الذُّكْرانَ) الذكور (وَتَذَرُونَ) وتتركون (عادُونَ) متجاوزون الحد (الْقالِينَ) المبغضين (الْغابِرِينَ) الباقين الماكثين.
المعنى :
لوط بن هارون ـ أخ إبراهيم ـ عليهالسلام ـ آمن بعمه ورحل معه واهتدى بهديه ، ثم أرسله الله إلى أهل سدوم في قطاع الأردن ، وكانوا قوما ذوى خلق سيئ ، وشرك بالله فقال لهم : ألا تتقون ، إنى لكم رسول آمين فاتقوا الله وأطيعون ، وما أسألكم عليه من أجر إن أجرى إلا على رب العالمين ، يا قوم : أتأتون الذكران في أدبارهم ، وتتركون ما أحله الله وأعده لذلك وهو فروج أزواجكم (فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللهُ) [سورة البقرة آية ٢٢٢] بل أنتم قوم عادون ومتجاوزون الحدود المعقولة.
قالوا يا لوط. كيف تنهانا عن عملنا هذا؟ لئن لم تنته يا لوط عن هذا لتكونن من المخرجين من قريتنا ، قال لهم : إنى لعملكم هذا من القالين المبغضين ، فإنه عمل يتنافى مع الإنسانية ، بل ترتفع عنه الحيوانات البهيمية.
فلما استمروا على عملهم ، ونفد صبره معهم ، ولم تنفعهم مواعظه دعا عليهم ، وقال : رب نجنى وأهلى مما يعملون ، فإن عمل هؤلاء مدعاة لسخطك ، ومباءة لعقابك.
فنجيناه وأهله أجمعين إلا عجوزا في الغابرين ، وهي امرأته لم تكن مؤمنة معه ، وكانت تحب القوم الكافرين ، وتنقل إليهم الأخبار ، ولذا كانت من الهالكين ، ثم دمرنا وأهلكنا القوم الآخرين الذين فعلوا المنكرات ، وكفروا بالذي خلقهم ، ولم يؤمنوا برسله ، وأمطرنا عليهم مطرا ، فبئس مطر المنذرين المهلكين.
إن في ذلك لآية وعبرة حيث أهلك العصاة المذنبين ، ونجى المؤمنين الصالحين ، ولم ينفع امرأة لوط قربها وصلتها به بل كل امرئ بما كسب رهين ، وما كان أكثرهم مؤمنين ، وإن ربك لهو العزيز الرحيم.