ليكة (بِالْقِسْطاسِ) بالميزان المستقيم أى العادي (وَلا تَبْخَسُوا) ولا تنقصوا من الناس شيئا (وَلا تَعْثَوْا) يقال عثا في الأرض أفسد فيها (وَالْجِبِلَّةَ الْأَوَّلِينَ) الجبلة الخلق الكثير من الناس (كِسَفاً) جمع كسفة وهي القطعة والجانب (الْمُسَحَّرِينَ) المسحورين مرارا حتى فسدت عقولهم (الظُّلَّةِ) أصل الظلة ما يظل الإنسان ، والمراد العذاب الذي أهلكهم ، وكان على شكل ظلة لهم.
المعنى :
أرسل الله شعيبا إلى قبيلته مدين (وَإِلى مَدْيَنَ أَخاهُمْ شُعَيْباً) وإلى أصحاب الأيكة ، وهم قوم كانوا أصحاب غيضة وشجر وزرع وثمر ، ولذا يقول الله هنا (إِذْ قالَ لَهُمْ شُعَيْبٌ) ولم يقل أخوهم لأن شعيبا لم يكن من أصحاب الأيكة وإن أرسل لهم.
قال شعيب لهم : ألا تتقون إنى لكم رسول أمين. فاتقوا الله وأطيعون. وما أسألكم عليه من أجر إن أجرى إلا على رب العالمين .. كما قال أخوه نوح. وهود. وصالح لاتفاقهم جميعا على الأمر بالتقوى ، والطاعة والإخلاص في العبادة ، والامتناع من أخذ الأجر على تبليغ الرسالة ، وعلى تحملهم المشاق والصعاب رجاء مثوبة رب العالمين لهم يوم القيامة ، وهكذا أصحاب الدعوات لا يرجون بعملهم جزاء ولا شكورا من العبد ، ولا يبغون بها مالا ولا جاها ولا رئاسة كاذبة ، وإلا كانوا كعلماء اليهود اشتروا الضلالة بالهدى ، وباعوا الباقية بالفانية.
اتفق جميع الأنبياء في الأمور العامة للرسالات ، ثم أخذ كل نبي يعالج المرض الشائع عند قومه ، ولذا رأينا هودا يقول منكرا على قومه إنهم يعبثون ببنائهم ، وأنهم طامعون في الدنيا حتى كأنهم مخلدون ، وإنهم يبطشون بطش الجبارين ؛ وقال صالح : منكرا على قومه : أتنحتون من الجبال بيوتا فارهين؟! وقال لوط : أتأتون الذكور من الناس وتتركون النساء من الأزواج؟ وقال شعيب هنا منكرا عليهم التطفيف في الكيل آمرا لهم أن يوفوا الكيل ويعطوه حقا كاملا بلا زيادة ولا نقصان ، أن يزنوا بميزان العدل ، ولا يخسروا الميزان وألا يبخسوا الناس أشياءهم ، وألا يفسدوا في الأرض بالبهتان.
وأن يتقوا الله ، ويخافوا عقابه فقد خلقهم ، وخلق آباءهم والجبلة الأولين ، ومن