المفردات :
(تِلْقاءَ) تجاه (وَرَدَ ماءَ مَدْيَنَ) بلغ ماء مدين ، ولفظ ورد تكون بمعنى الاطلاع عليه والبلوغ إليه فقط وإن لم يدخل كما هنا (أُمَّةً) لهذه الكلمة عدة معان منها الجمع الكثير كما هنا (تَذُودانِ) تحبسان وتطردان وتمنعان (ما خَطْبُكُما) ما شأنكما؟ (يُصْدِرَ الرِّعاءُ) حتى ينصرف الرعاة : يقال صدر عن الماء مقابل ورد. انصرف عنه ، ويقال : أصدره يصدره صرفه عنه ، والرعاء جمع راع كصحاب جمع صاحب (قَصَ) روى له القصة (تَأْجُرَنِي ثَمانِيَ حِجَجٍ) جمع حجة وهي السنة (فَلا عُدْوانَ) فلا مجاوزة للحد.
المعنى :
انتهى أمر موسى ـ عليهالسلام ـ إلى الخروج من أرض مصر فارّا بنفسه خائفا من المصريين الذين قتل منهم واحدا ، ومن المعقول أن موسى خرج بلا زاد ولا راحلة! فإلى أى الجهات يقصد؟ لقد قصد أرض مدين للنسب الذي بين الإسرائيليين وبينهم لأن مدين من ولد إبراهيم ، والإسرائيليون من أولاد يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم ـ عليهمالسلام ـ جميعا.
ولما توجه جهة مدين ، وهو على هذا الوضع الشديد قال متضرعا إلى ربه : عسى أن يهديني سواء السبيل ، ويوفقني إلى الطريق المستقيم حتى أصل إلى ما أقصد.
ولما وصل أرض مدين ـ وهي بلاد واقعة حول خليج العقبة من جهة الشمال قريبا من شمال الحجاز وجنوب فلسطين ـ رأى على الماء جماعات كثيرة من الناس يسقون ماشيتهم ، ووجد من دونهم امرأتين تذودان غنمهما عن ورود الماء. وتمنعانها عن الحوض انتظارا حتى يسقى أولو القوة من الرعاة ، ويصدرون ماشيتهم ، فإذا فرغوا من سقيهم جاءتا واستقتا لماشيتهما ، وهذا شأن الضعيف مع القوى ، يشرب القوى أولا من الماء الصافي ، ويشرب الضعيف البقية الباقية من الماء الكدر.
ونشرب إن وردنا الماء صفوا |
|
ويشرب غيرنا كدرا وطينا |
موسى رجل جد عمل ، وإباء وبطولة ، لم يعجبه أن يبتعد النسوة عن الماء