المفردات :
(أَحَسِبَ النَّاسُ) أظنوا وتخيلوا (لا يُفْتَنُونَ) الفتنة : الابتلاء والاختبار بالشدائد التي تصادف الناس (أَنْ يَسْبِقُونا) أى : يفوتونا فلا ننتقم منهم (ساءَ ما يَحْكُمُونَ) بئس حكمهم (يَرْجُوا لِقاءَ اللهِ) أى : يأمل في لقائه وثوابه ، قيل : يخاف لقائه.
لقد ذكر الفخر الرازي ـ رحمهالله ـ في تفسيره مسائل في تفسير هذه الآية ، منها مسألة في حكمة افتتاح هذه السورة بقوله (الم) وأنا ألخصها فيما يأتى :
البليغ الحكيم إذا خاطب مشغول البال ، أو من هو في غفلة ، يقدم ما يجعل المخاطب يلتفت إليه ، ويتجه بقلبه ثم يشرع فيما يريده ، وهذا المقدم قد يكون كلاما له معنى مفهوم مثل : اسمع. التفت تنبه إلخ ، وقد يكون أداة استعملت للتنبيه كأدوات النداء والاستفتاح مثل أمحمد. يا على : ألا يا خالد ، وقد يكون المقدم صوتا غير مفهوم كالتصفير مثلا أو التصفيق باليد إلخ.
ومن المألوف في أساليب اللغة أن ألفاظ التنبيه تستعمل عند الغفلة على حسبها ، وتستعمل على شكل واسع إذا كان المقصود من الكلام مهما ، وموضعه خطيرا.
وإذا قدم المتكلم البليغ على كلامه لفظا غير مفهوم المعنى ، كان ذلك أدعى للالتفات ، وأقوى في التنبيه لما بعده مثل الحروف الهجائية التي تفتتح بها السور فإن قال قائل : ما الحكمة في اختصاص بعض السور بهذه الحروف؟ فالجواب : أن عقل البشر قاصر عن إدراك الأشياء الجزئية والحكم المقصودة من ذلك ، والله ورسوله أعلم بذلك كله.
ولكن هذا لا يمنع من ذكر ما يوفقنا الله له فنقول (أى الفخر) : كل سورة في أوائلها حروف التهجي فإن في أوائلها ذكر الكتاب أو القرآن ، واقرأ أول سورة البقرة وآل عمران. والأعراف. ويس. وق والقرآن المجيد. والحواميم إلا ثلاث سور : سورة مريم ، والعنكبوت هذه ، والروم ...
ولعل الحكمة كما قلنا سابقا أن القرآن عبء ثقيل ، وفيه أحكام وحكم ، وهو دستور