٢ ـ ومنها : قوله تعالى : (وَاللهُ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّياحَ فَتُثِيرُ سَحاباً فَسُقْناهُ إِلى بَلَدٍ مَيِّتٍ)(١). فقد فسّر «تثير» بمعنى «تسوق» ، وبذلك قد ضاع المعنى البديع الذي أصبح معجزة للقرآن. وهو أنّ لفظ «تثير» من الإثارة وهو التهييج ، نظير تهييج الغبار والدخان ، وهذا مبدأ «عملية التبخير» وتكوين الأمطار. فإنّ التبخير يحصل من الحرارة المركزيّة والحرارة الجوية والريح ، أي لا بدّ من هذه العوامل الثلاثة لتكوين «عملية التبخير» ، ثم بعد ذلك تحمل الرياح هذا البخار إلى حيث شاء الله ، وهذا المعنى لم يظهر إلّا حديثا.
٣ ـ ومنها : قوله تعالى : (وَفِرْعَوْنَ ذِي الْأَوْتادِ)(٢). فسّروا «الأوتاد» بكثرة الجنود ، أو أنها كانت مسامير أربعة كان يعذّب الناس بها. وقد تبيّن الآن أن المراد هي هذه الأهرام وهي تشبه الجبال ، وقد عبّر القرآن عن الجبال بالأوتاد في قوله تعالى : (أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ مِهاداً وَالْجِبالَ أَوْتاداً)(٣).
٤ ـ ومنها : قوله تعالى : (وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذلِكَ دَحاها)(٤). فسّر «الدحو» بعض المفسرين بالبسط. فلو ترجم إلى هذا المعنى ضاع المعنى الذي يؤخذ من «الدحو» ، وهو التكوير غير التام ، كتكوير البيضة مع الدوران. ولا يزال أهل الصعيد ـ وأصل أكثرهم عرب ـ يعبّرون عن «البيض» بالدحو أو الدحى أو الدح.
__________________
(١) فاطر / ٩.
(٢) الفجر / ١٠.
(٣) النبأ / ٧.
(٤) النازعات / ٣٠.