ومن طريف ما يذكر هنا ، ما شهد به مثل الحجاج بن يوسف الثقفي بشأن هذا البيت الرفيع ، حسبما رواه علي بن إبراهيم القمّي في تفسيره : أن أباه حدّثه عن سليمان بن داود المنقري عن أبي حمزة الثمالي عن شهر بن حوشب ، قال : قال لي الحجاج بن يوسف : بأنّ آية في كتاب الله قد أعيتني! فقلت : أيّها الأمير ، أيّة آية هي؟ فقال : قوله : (وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ)(١) ، والله لآمر باليهودي والنصراني فيضرب عنقه ، ثم أرمقه بعيني ، فما أراه يحرّك شفتيه حتى يحمد! فقلت : أصلح الله الأمير ، ليس على ما تأوّلت! قال : كيف هو؟ قلت : إن عيسى بن مريم ينزل قبل يوم القيامة إلى الدنيا ، فلا يبقى أهل ملّة يهودي ولا نصراني إلّا آمن به قبل موته ، ويصلّي خلف المهدي. قال : ويحك ، أنّى لك هذا ، ومن أين جئت به؟! فقلت : حدّثني به محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهمالسلام ، فقال : جئت بها ، والله من عين صافية (٢).
كان الحجّاج قد حسب أنّ الضمير في قوله تعالى (قَبْلَ مَوْتِهِ) يعود إلى (مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ) فجاء تفسير الإمام بإرجاع الضمير إلى المسيح ؛ وبذلك زالت علّته.
وأورد الإمام الرازي الحديث بلفظ آخر ، ناسبا له إلى محمد ابن الحنفيّة ، قال : فأخذ ينكث في الأرض بقضيب ، ثم قال : لقد أخذتها من عين صافية (٣).
دور أهل البيت في التفسير
كان الدور الذي قام به أئمة أهل البيت عليهمالسلام في تفسير القرآن الكريم ، هو دور تربية وتعليم ، وإرشاد إلى معالم التفسير ، وأنه كيف ينبغي أن يفهم معاني كلامه
__________________
(١) النساء / ١٥٩.
(٢) تفسير القمّي ، ج ١ ، ص ١٥٨. ونقله الطبرسي في المجمع ، ج ٣ ، ص ١٣٧.
(٣) التفسير الكبير ، ج ١١ ، ص ١٠٤.