فيقدّموا إلى العالم تراجم صحيحة من القرآن الكريم ، معترفا بها رسميّا من مراجع دينية صالحة ؛ فيكون ذلك مكافحة صريحة مع تلكم المناوشات الخبيثة ، ومقابلة عملية تجاه أعداء الإسلام.
وسنوفّي لك نماذج خاطئة في نهاية المقال دليلا على ضرورة القيام بهذه المقابلة الإيجابيّة.
تراجم إسلامية عريقة
قد عرفت حديث ترجمة (سلمان الفارسي) لسورة الحمد ، بطلب من فرس اليمن المسلمين (١). وهكذا قام دعاة الإسلام وعلماء المسلمين بتراجم لسور وآيات قرآنية ، لغرض إفهام معانيها لسائر الأمم ممن دخلوا في الإسلام ، وكانوا لا يحسنون فهم العربية آنذاك.
وأضخم هيئة علمية قامت بترجمة القرآن ، مصحوبة بترجمة أكبر موسوعة تفسيريّة ، في أواسط القرن الرابع للهجرة ، هم علماء ما وراء النهر (شرقيّ بلاد إيران) بطلب من السلطان منصور بن نوح الساماني (٣٥٠ ـ ٣٦٥) وذلك لمّا أن أرسل إليه التفسير الكبير (جامع البيان) لأبي جعفر محمد بن جرير الطبري (توفّي سنة ٣١٠) في أربعين مجلدا ضخما ، فاستعظمه وأكبر من شأنه ، لكنه تأسّف على عدم إمكان استفادة شعبه من هذا التفسير العظيم ، فاستفتى ـ أوّلا ـ جميع علماء وفقهاء ما وراء النهر (بلخ وبخارى وباب الهند وسمرقند وسپيجاب وفرغانة ...) في جواز الترجمة ، فأجازوه جميعا. فطلب منهم أن
__________________
(١) المبسوط للسرخسي ، ج ١ ، ص ٣٧. وتقدم ـ في الهامش ـ عن تاج الشريعة الحنفي : أنه ترجم البسملة ب «بنام يزدان بخشاونده ... الخ ..» ثم عرضها على النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم (معجم مصنفات القرآن لشواخ ، ج ٢ ، ص ١٢).