الترجمة إلى صاحب الكلام الأوّل ، بعد تبديله إلى غيره لفظا وأسلوبا. وأخيرا فإنها تخون في تأدية المراد في كثير من الأحيان ، الأمر الذي يحتم ضرورة اجتنابها ، ولا سيما في مثل القرآن العظيم.
الترجمة المعنوية (التفسيريّة)
أما الترجمة المعنوية ـ الترجمة الحرّة غير المتقيدة بنظام الأصل ، إن دعت ضرورة الإيفاء بالمعنى إلى مخالفة النظم ـ فهو أمر معقول ، وتختلف عن الترجمة الحرفية بوفائها بتمام المراد ، وإن كانت توافقها في الأمرين الأوّلين (انتقاد دلائل الإعجاز والمميّزات اللفظية التي كانت في الأصل ، وعدم إجراء أحكام القرآن عليه) أما الوفاء بالمعنى تماما فهو الأمر الذي يختص به هذا النوع من الترجمة الحرّة ، على شريطة الدقّة والإحاطة ، بتمام جهات المعنى المقصودة من الكلام.
وصاحب هذا النوع من الترجمة إنّما يقوم بعملية إيفاء المعنى وبيان مقصود الكلام ، وهو نوع من الشرح والتفسير ، ولكن في قالب لفظي متناسب مع الأصل مهما أمكن ، فهو في الغالب (بل الأكثرية الساحقة) متوافق مع الأصل في النظم والترتيب وحتى في الأسلوب البياني ، إن أمكن ذلك ، وكانت اللغة المترجمة إليها متقاربة مع اللغة المترجم عنها في تلكم المصطلحات وفنون المحاورة غالبا. والمعهود أن لغات الأمم المتجاورة ، قريبات بعضهنّ مع البعض في آفاق التعبير والبيان.
والترجمة المعنوية ، هي الراجحة والمتداولة في الأوساط العلمية والأدبية ، منذ عهد سحيق ، وهي الوسيلة الناجحة لبثّ الدعوة بين الملأ على مختلف لغاتهم وألسنتهم ، وقد جرت عليها سيرة المسلمين ولا تزال قائمة على ساق.