كلامهم عن الترجمة عرضا عند التكلّم في شروط القراءة في الصلاة. ويبدو من كلماتهم هناك : أنّ الترجمة في حدّ ذاتها لا ضير فيها ، ومن ثم وقع البحث منهم في جواز قراءتها في الصلاة بدلا عن الفاتحة بحثا ثانويا ، مفروغا عن جواز أصل الترجمة ذاتها.
كما أنه في طول حياة المسلمين ، قام رجال من أهل الفضيلة والأدب بترجمة القرآن ، تماما أو بعض آية وسورة ، عرضا على أناس كانوا لا يحسنون العربية (١) ، وكان ذلك بمرأى ومسمع من فقهاء الإسلام من غير نكير منهم ، مما ينبؤك عن تسالمهم على الجواز ، ولا سيما للهدف المذكور.
نعم صدرت ـ أخيرا ـ فتاوي بشأن جواز الترجمة ، وكتب كثيرون حول المسألة ، نقضا وإبراما. أما الفقهاء فقد توافقوا على الجواز ، بشروط ذكروها ، وقد نوّهنا عن طرف منها. ونورد هنا بعضا من تلك النظرات والآراء :
فتوى الحجة كاشف الغطاء
جاء فيما كتبه سماحة الحجة الشيخ محمد حسين آل كاشف الغطاء ـ تغمّده الله برحمته ـ جوابا على استفتاء الأستاذ عبد الرحيم محمد علي ، بشأن جواز ترجمة القرآن إلى اللغات الأجنبيّة ـ ما نصّه ـ :
«إذا أمعنّا النظر في هذه القضيّة نجد أن إعجاز القرآن الذي أدهش العلماء ، بل وأدهش العالم ، يرجع إلى أمرين : فصاحة المباني إلى فصاحة الألفاظ ، وبلاغة الأساليب والتراكيب. والثاني قوّة المعاني. وما في القرآن من التشريع البديع والوضع الرفيع ، والأحكام الجامعة في صلاح البشر عامّة من العبادات والاجتماعيّات ، يعني من أوّل كتاب الطهارة إلى الحدود والديات ، بعد العقائد
__________________
(١) سوف نوفي لك عن تراجم عقيدة قام بها رجالات الإسلام منذ عهد قديم.