وأما «الباء» فجعلها مؤكّدة زائدة ليست لإفادة معنى في الكلام. قال : والمعنى : وامسحوا رءوسكم (١).
ب ـ مسح الرجلين
من المسائل المستعصية التي أشغلت فراغا كبيرا في التفسير والأدب الرفيع ، هي مسألة مسح الأرجل في الوضوء مستفادا من كتاب الله تعالى.
فقد زعم بعضهم أنّ القراءة بالخفض تتوافق مع مذهب الشيعة الإماميّة في وجوب المسح ، والقراءة بالنصب تتوافق مع سائر المذاهب. ولكل من الفريقين دلائل وشواهد من السنّة أو الأدب ولغة العرب ، يجدها الطالب في مظانّها.
غير أن الوارد عن أئمة أهل البيت عليهمالسلام في تفسير الآية الكريمة ، هو التصريح بأن القرآن نزل بالمسح على الأرجل ، وهكذا نزل به جبرائيل ، وعمل به رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وأمير المؤمنين وأولاده الأطهار ، وهكذا خيار الصحابة وجلّ التابعين لهم بإحسان.
فقد روى الشيخ بإسناده الصحيح إلى سالم وغالب ابني هذيل ، عن أبي جعفر عليهالسلام سألاه عن المسح على الرجلين؟ فقال : هو الذي نزل به جبرئيل عليهالسلام (٢).
يعني : أن الذي يبدو من ظاهر الكتاب هو وجوب مسح الرجلين ، عطفا على الرءوس. ولا يجوز كونه عطفا على الوجوه والأيدي ، لاستلزامه الفصل بالأجنبي ، وهو لا يجوز في مثل القرآن. وهذا سواء قرئ بخفض الأرجل أم بنصبها.
أمّا على قراءة الخفض فظاهر ، وقد قرأ بها ابن كثير وأبو عمرو وحمزة من السبعة ، وشعبة أحد راويي عاصم. لكن مقتضاها المسح لبعض الأرجل ، كما في
__________________
(١) تفسير القرطبي ، ج ٦ ، ص ٨٧.
(٢) الاستبصار ، ج ١ ، ص ٦٤ رقم ١٨٩ / ١.