أعلم الصحابة بمعاني القرآن فالأعلم
قال الإمام بدر الدين الزركشي : وصدر المفسّرين من الصحابة هو عليّ بن أبي طالب ، ثم ابن عباس. وهو تجرّد لهذا الشأن ، والمحفوظ عنه أكثر من المحفوظ عن علي عليهالسلام ، إلّا أنّ ابن عباس كان قد أخذ عن علي عليهالسلام (١).
قال الأستاذ الذهبي : كان عليّ عليهالسلام بحرا من العلم ، وكان قويّ الحجّة سليم الاستنباط ، أوتي الحظّ الأوفر من الفصاحة والخطابة والشعر ، وكان ذا عقل ناضج وبصيرة نافذة إلى بواطن الأمور. وكثيرا ما كان يرجع إليه الصحابة في فهم ما خفي ، واستجلاء ما أشكل. وقد دعا له رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم حين ولاه قضاء اليمن ، بقوله : «اللهمّ ثبّت لسانه واهد قلبه». فكان موفّقا مسدّدا ، فيصلا في المعضلات (٢) ، حتى ضرب به المثل ، فقيل : «قضيّة ولا أبا حسن لها».
قال : ولا عجب ، فقد تربّى في بيت النبوّة ، وتغذّى بلبان معارفها ، وعمّته مشكاة أنوارها. وقيل لعطاء : أكان في أصحاب محمد أعلم من علي؟ قال : لا ، والله لا أعلمه. وعن سعيد بن جبير عن ابن عباس ، قال : إذا ثبت لنا الشيء عن عليّ ، لم نعدل عنه إلى غيره (٣).
قال ابن عباس : جلّ ما تعلّمت من التفسير ، من عليّ بن أبي طالب. وقال : عليّ علم علما علّمه رسول الله ، ورسول الله علّمه الله ؛ فعلم النبي من علم الله ، وعلم
__________________
(١) البرهان ، ج ٢ ، ص ١٥٧ ، والبحار ، ج ٨٩ ، ص ١٠٥ (بيروت)
(٢) وناهيك قولة ابن الخطاب : «لا أبقاني الله لمعضلة ليس لها أبو حسن» (أنساب الأشراف ، ص ١٠٠ ، رقم ٢٩)
(٣) التفسير والمفسرون ، ج ١ ، ص ٨٩.