بينهما ، زعما منهم أنّ السعي بينهما شيء كان صنعه المشركون تزلّفا إلى الصنمين ، فأنزل الله أن لا حرج ولا موضع لما وهمه أناس (١).
مراجعة أهل الكتاب!
وهل كان ابن عباس يراجع أهل الكتاب في فهم معاني القرآن؟
سؤال أجيب عليه بصورتين : إحداهما مبالغ فيها ، والأخرى معتدلة إلى حدّ ما ؛ كانت مراجعته لأهل الكتاب ـ كمراجعة سائر الاصحاب ـ في دائرة ضيّقة النطاق ، في أمور لم يتعرّض لها القرآن ، ولا جاءت في بيان النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ؛ حيث لم تعد حاجة ملحّة إلى معرفتها ، ولا فائدة كبيرة في العلم بها كعدد أصحاب الكهف ، والبعض الذي ضرب به موسى من البقرة ، ومقدار سفينة نوح ، وما كان خشبها ، واسم الغلام الذي قتله الخضر ، وأسماء الطيور التي أحياها الله لإبراهيم ، ونحو ذلك مما لا طريق إلى معرفة الصحيح منه. فهذا يجوز أخذه من أهل الكتاب ، والتحدّث عنهم ولا حرج ، كما ورد «حدّثوا عن بني إسرائيل ولا حرج» (٢) ، المحمول على مثل هذه الأمور.
قال ابن تيميّة : وفي بعض الأحيان ينقل عنهم (عن بعض الصحابة مثل ابن مسعود وابن عباس وكثير من التابعين) ما يحكونه من أقاويل أهل الكتاب التي أباحها رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ؛ حيث قال : «بلّغوا عنّي ولو آية ، وحدّثوا عن بني إسرائيل ولا حرج». رواه البخاري عن عبد الله بن عمرو بن العاص ، ولهذا
__________________
(١) مجمع البيان للطبرسي ، ج ١ ، ص ٢٤٠.
(٢) مسند أحمد ، ج ٢ ، ص ١٥٩ و ٢٠٢ و ٢١٤. عن عبد الله بن عمرو بن العاص. وص ٤٧٤ و ٥٠٢ عن أبي هريرة. وج ٣ ، ص ١٣ و ٤٦ و ٥٦ عن أبي سعيد الخدري.