هو الأصل ، وكانت الترجمة إلى جنبه توضيحا وتبيينا لمعانيه فحسب.
وبذلك نكون قد أمّننا على القرآن ضياعه ، فلا يضيع كما ضاعت التوراة والإنجيل من قبل ؛ بتجريد تراجمهما عن النصّ الأصل ، الأمر الذي يجب أن لا يتكرّر بشأن هذا الكتاب السماوي الخالد (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ)(١).
نماذج من تراجم خاطئة
لا ريب أنّ كل عمل فردي قد يتحمّل أخطاء لا يتحمّلها عمل جماعي ، ومن ثم وقع الكثير من الأفاضل في مآزق الانفراد فزلّوا أو أخطئوا المقصود ، هذا الإمام بدر الدين الزركشي ، المضطلع باللّغة والأدب ، وكذا تلميذه جلال الدين السيوطي الخبير بمواضع الكلام ، نراهما قد اشتبها في اشتقاق «هدنا» (٢) ، فزعماه من : هدى يهدي (٣). مع العلم أنه من : هاد يهود.!
لكن الزمخشري في تفسيره يقول : هدنا ـ بالضم ـ : فعلنا. من : هاده يهيده (٤).
وقال الراغب : الهود : الرجوع برفق ، ومنه التهويد وهو مشي كالدبيب. وصار
__________________
(١) الحجر / ٩.
(٢) من قوله تعالى : (وَاكْتُبْ لَنا فِي هذِهِ الدُّنْيا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ ، إِنَّا هُدْنا إِلَيْكَ) ـ الأعراف / ١٥٦.
(٣) قال الزركشي (البرهان ، ج ١ ، ص ١٠٣ ـ ١٠٤) : فمنه الهدى سبعة عشر حرفا ـ إلى قوله ـ أو بمعنى التوبة : «إِنَّا هُدْنا إِلَيْكَ» أي تبنا :
وقال السيوطي (الإتقان ، ج ٢ ، ص ١٢٢ ـ ١٢٣) : من ذلك الهدى يأتي على سبعة عشر وجها ـ إلى قوله ـ والتوبة : (إِنَّا هُدْنا إِلَيْكَ)!
(٤) الكشاف ، ج ٢ ، ص ١٦٥.