منهج القرآن في الإفادة والبيان
إن للقرآن في إفادة معانيه منهجا يخصّه ، لا هو في مرونة أساليب كلام العامّة ، ولا هو في صعوبة تعابير الخاصّة ، جمع بين السهولة والامتناع ، وسطا بين المسلكين ، سهلا في التعبير والأداء ؛ بحيث يفهمه كل قريب وبعيد ، ويستسيغه كل وضيع ورفيع ، وهو في نفس الوقت ممتنع في الإفادة بمبانيه الشامخة ، والإدلاء بمراميه الشاسعة ، ذلك أنه جمع بين دلالة الظاهر وخفاء الباطن ، في ظاهر أنيق وباطن عميق.
قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «وهو الدليل يدلّ على خير سبيل ، وهو كتاب فيه تفصيل وبيان وتحصيل ، وهو الفصل ليس بالهزل ، وله ظهر وبطن ، فظاهره حكم وباطنه علم ، ظاهره أنيق وباطنه عميق. له نجوم وعلى نجومه نجوم ، لا تحصى عجائبه ولا تبلى غرائبه. فيه مصابيح الهدى ومنار الحكمة ، ودليل على المعرفة لمن عرف الصفة» (١).
«فما من آية إلّا ولها ظهر وبطن» ، كما في حديث آخر مستفيض (٢) ، فهناك
__________________
(١) الكافي الشريف ، ج ٢ ، ص ٥٩٩.
(٢) رواه الفريقان. راجع : تفسير العياشي ، ج ١ ، ص ١١. وبحار الأنوار ، ج ٨٩ (ط بيروت) ، ص ٨٨ ـ