ودورهم في التلاعب بمقدّرات المسلمين ، الأمر الذي لا يكاد يصدّق في أجواء كانت السيطرة مع الصحابة النبهاء ، إنّما كان ذلك في عهد طغى سطو أميّة على البلاد وقد أكثروا فيها الفساد ، على ما سننبّه.
وقد تابعه على هذا الرأي الأستاذ أحمد أمين ، قال : ولم يتحرّج حتى كبار الصحابة مثل ابن عباس من أخذ قولهم. روي أنّ النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : «إذا حدّثكم أهل الكتاب فلا تصدّقوهم ولا تكذّبوهم». ولكن العمل كان على غير ذلك ، وأنّهم كانوا يصدّقونهم وينقلون عنهم! وإن شئت مثلا لذلك فاقرأ ما حكاه الطبري وغيره عند تفسير قوله تعالى : (هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمامِ وَالْمَلائِكَةُ)(١).
وعقّبه بقوله : وقد رأيت ابن عباس كان يجالس كعب الأحبار ويأخذ عنه (٢) ، إشارة إلى ما سبق من قوله : وأمّا كعب الأحبار أو كعب بن ماتع فيهوديّ من اليمن ، وأكبر من تسرّبت منهم أخبار اليهود إلى المسلمين ، أسلم في خلافة أبي بكر أو عمر ـ على خلاف في ذلك ـ وانتقل بعد إسلامه إلى المدينة ثم إلى الشام. وقد أخذ عنه اثنان ، هما أكبر من نشر علمه : ابن عباس ـ وهذا يعلّل ما في تفسيره من إسرائيليات ـ وأبو هريرة (٣).
نقد وتمحيص
وإنا لنأسف كثيرا أن يغترّ كتّابنا النقّاد ـ أمثال الأستاذ أحمد أمين والأستاذ
__________________
(١) البقرة / ٢١٠.
(٢) فجر الإسلام ، ص ٢٠١.
(٣) المصدر نفسه ، ص ١٦٠.